Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 27-34)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } هذه الجماعَةُ التي يقْبِلُ بعضُها على بعضٍ هي جِنٌّ وإنْسٌ ؛ قاله قتادة ، وتَسَاؤُلُهم هو على معنى التَّقْرِيعِ واللَّوْمِ والتَّسَخُّطِ ، والقائلون : { إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا } إما أنْ يكونَ الإنْسُ يقولونها للشياطينِ ؛ وهذا قول مجاهد وابن زيد ، وإما أنْ يكونَ ضَعَفَةُ الإنْسِ يقولُونَهَا لِلكبراءِ والقادةِ ، واضطَرَبَ المُتَأَوِّلُونَ في معنى قولهم : { عَنِ ٱلْيَمِينِ } ؛ فعبَّر ابنُ زيد وغيرُه عنه بطريقِ الجَنَّةِ ، ونحو هذا من العباراتِ التي هي تفسيرٌ بالمَعْنَىٰ ، ولا يختصُّ بنَفْسِ اللَّفْظَةِ ، والذي يخصُّها مَعَانٍ : منها أن يريدَ باليمين : القوةَ . أي : تحملونَنَا على طريقِ الضَّلاَلَةِ بقوةٍ ، ومنها أن يريدَ باليمينِ . اليُمْنَ ، أي : تأتوننا من جِهَة النصائِح والعملِ الذي يُتَيَمَّنُ به ، ومن المعاني التي تحتملها الآيةُ ؛ أن يريدوا أنكم كُنتم تجيئُونَنَا من جهة الشَّهَوَاتِ ، وأكثرُ ما يَتَمكَّنُ هذا التأويلُ مع إغواء الشياطين ، وقيلَ : المعنَىٰ تَحْلِفونَ لنا ، فاليمينُ علَىٰ هذا : القَسَمُ ، وقد ذَهَبَ بعضُ العلماءِ في ذكرِ إبليسَ جهاتِ بني آدم في قوله : { مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ } [ الأعراف : 17 ] إلى ما ذكرناه من جهةِ الشهوات . ثم أخْبَرَ تعالى عن قول الجِنّ المجيبينَ لهؤلاءِ بقولهم : { بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } ، أي : ليس الأمْرُ كما ذكرتمْ ؛ بل كانَ لكمُ اكتسابُ الكُفْرِ ؛ وما كانَ لنَا عليكم حُجَّةٌ ، وبنحو هذا فَسَّرَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ قولُ الجِنِّ إلى { غَـٰوِينَ } . ثم أخْبَرَ تعالى بأنهم جميعاً في العذابِ مشتركون ، وأنَّ هذا فعلُه بأهل الجُرْم والكُفْر .