Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 10-16)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { قُلْ يَٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ } يُرْوَى أنَّ هذهِ الآيةَ نزلتْ في جَعْفَرِ بن أبي طالب وأصحابِهِ ، حِينَ عزموا على الهجرة إلَىٰ أرض الحبشة ، ووعد سبحانه بقوله : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةٌ } فقولهُ : { فِى هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا } متعلق بـ { أَحْسَنُواْ } ، والمعنَىٰ : إنَّ الذين يُحْسِنُونَ في الدنيا لَهُمْ حَسَنَةٌ في الآخِرَة ، وهي الجنةُ والنعيمُ ؛ قاله مقاتلٌ ويحتملُ أنْ يريدَ : أن الذينَ يُحْسِنُونَ لهُم حسَنَةٌ في الدنيا ، وهي العافيةُ والظهورُ وولايةُ اللَّهِ تعالى ؛ قاله السُّدّيُّ ، والأَوَّلُ أرجح أن الحسَنَةَ هِي في الآخِرة . وقوله سبحانه : { وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ } حَضٌّ عَلى الهجرةِ ، ثم وَعَدَ تعالى على الصَّبْرِ على المكارِهِ ، والخروج مِنَ الوَطَنِ ونُصْرَةِ الدينِ وجميعِ الطاعات ـــ بِتَوْفِيَةِ الأجورِ بغير حِسَابٍ ، وهذا يحْتَمِلُ معنيين : أحدهما : أن الصابرَ يُؤتَىٰ أَجْرَهُ وَلاَ يحاسَبُ على نعيمٍ ولا يُتَابَعُ بذنوبٍ ، ويكونُ في جملة الذين يدخلون الجنةَ بغير حساب . والثاني من المعنيين : أن أجورَ الصابرينَ تُوَفَّىٰ بغَيْرِ حَصْر وَلا عَدٍّ ، بلْ جُزَافاً ، وهذه استعارةٌ للكثرةِ التي لا تحصى ؛ وإلى هذا التأويلِ ذَهَبَ جمهورُ المفسرينَ ، حتى قال قتادةُ : لَيْسَ ثَمَّ واللَّهِ مِكْيَالٌ ولا ميزان ، وفي الحديث أَنَّهُ لما نزلت { وَٱللَّهُ يُضَـٰعِفُ لِمَن يَشَاءُ } [ البقرة : 261 ] قال النبي صلى الله عليه وسلم : " اللَّهُمَّ ، زِدْ أُمَّتِي " ، فَنَزَلَتْ بَعْدَ ذلِكَ { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً } [ البقرة : 245 ] فقال : " اللَّهُمَّ زِدْ أُمَّتِي " حتى نزلَتْ : { إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } ، قال : « رَضِيتُ يَا رَبِّ » . وقوله تعالى : { قُلْ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } من المعلوم أنه ـــ عليه السلام ـــ معصومٌ من العِصْيَانِ ، وإنما الخطابُ بالآيةِ لأِمَّتِهِ يَعُمُّهُمْ حكمُهُ ، ويحفُّهم وعيدُهُ . وقوله : { فَٱعْبُدُواْ مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ } هذه صيغةُ أَمْرٍ عَلَىٰ جِهَةِ التهْدِيدِ ، وهذا في القرآنِ كثيرٌ ، و « الظُّلَّة » ما غَشِيَ وعَمَّ كالسَّحَابَةِ وَسَقْفِ البيت ، ونحوِه . [ وقوله سبحانه : { ذٰلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ } يريد : جميعَ العَالَمِ ] .