Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 6-7)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } قيل : « ثُمَّ » هنا : لترتيب الإخْبَارِ لا لترتِيبِ الوُجُودِ ، وقيل : قوله : { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ } : هو أخذ الذريةَ مِن ظهر آدم ، وذلك شيءٌ كان قبل خلق حَوَّاءَ ، * ت * : وهذا يحتاج إلى سندٍ قاطعٍ . وقوله سبحانه : { فِى ظُلُمَـٰتٍ ثَلَـٰثٍ } قالت فرقة : الأُولَىٰ هي ظَهْرُ الأَبِ ، ثم رَحِمُ الأمِّ ، ثم المَشِيمَةُ في البَطْن ، وقال مجاهد وغيره : هي المَشِيمَةُ والرَّحِمُ والبَطْنُ ، وهذه الآياتُ كلُّها فيها عِبَرٌ وتنبيهٌ على تَوْحِيدِ الخالِق الذَّي لاَ يَسْتَحِقُّ العبادةَ غَيْرُهُ وتوهينٌ لأمْرِ الأصنام . وقوله سبحانه : { إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِىٌّ عَنكُمْ … } الآية ، قال ابنُ عباس : هذه الآيةُ مخاطبَةٌ للكفارِ ، قال * ع * : وتحتملُ أن تكونَ مخاطبةً لجميع الناس ، لأن اللَّهَ سبحانه غنيٌّ عَن جميعِ الناسِ ، وهم فقراءُ إليه ، واخْتَلَفَ المتأولونَ مِن أهْلِ السنةِ في تأويل قوله تعالى : { وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ } فقالت فرقة : « الرِّضا » بمعنى الإرادَةِ ، والكلامُ ظاهرُه العمومُ ، ومعناه الخصوصُ فيمن قَضَى اللَّهُ له بالإيمان ، وحتَّمَهُ له ، فعبادُه عَلَىٰ هذا ملائكتُهُ ومؤمِنو الإنْسِ والجِنِّ ، وهذا يتركَّبُ عَلَىٰ قول ابن عباس ، وقالت فرقة : الكلامُ عُمُومٌ صحيحٌ ، والكُفْرُ يقعُ مِمَّنْ يَقَعُ بإرادَةِ اللَّهِ تعالَىٰ ، إلا أنه بَعْدَ وُقُوعِهِ لاَ يَرْضَاهُ دِيناً لهم ، ومعنى لا يرضاه : لا يشكرُه لهُمْ ، ولا يُثيبُهم بهِ خَيْراً ، فالرضى : على هذا هو صفةُ فِعْلٍ بمعنى ، القَبُولِ ، ونحوِه ، وتأمَّلِ الإرَادَةَ فإنما هي حقيقةٌ فيما لَمْ يَقَعْ بَعْدُ ، والرِّضا ؛ فإنما هُو حقيقةٌ فِيمَا قَدْ وَقَعَ ، واعْتَبِرْ هذا في آيات القرآن تجِدْهُ ، وإنْ كانت العربُ قد تستعمل في أشعارها على جهة التجوُّز هذا بَدَلَ هذا . وقوله تعالى : { وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ } عمومٌ ، والشكرُ الحقيقيُّ في ضِمْنِهِ الإيمانُ ، قال النوويُّ : وَرُوِّينَا في سُنَنِ أبي دَاوُدَ عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ ، أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال : " من قال : رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبّاً وبِالإسْلاَمِ دِيناً وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم رَسُولاً ، وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّة " انتهى .