Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 101-101)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ … } الآية : ضَرَبْتُمْ : معناه : سافَرْتم ، قال مالك ، والشافعيُّ ، وأحمدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وابنُ رَاهَوَيْهِ : تُقْصَرُ الصلاةُ في أربعةِ بُرُدٍ ، وهي ثمانيةٌ وأربعون ميلاً ؛ وحُجَّتهم أحاديثُ رُوِيَتْ في ذلك ، عن ٱبْنِ عمر ، وابن عباس . وقال الحسنُ والزُّهْريُّ : تُقْصَرُ في مسيرةِ يَوْمَيْنِ ، وروي هذا أيضاً عن مالكٍ ، وروي عنه : تُقْصَر في مسافة يوم ولَيلة ، وهذه الأقوالُ الثلاثةُ تتقارَبُ في المعنى . والجمهورُ علَىٰ جواز القَصْر في السَّفَر المباحِ . وقال عطاءٌ : لا تُقْصَر إلا في سفر طاعةٍ ، وسبيلِ خيرٍ ، والجمهور : أنَّه لا قَصْرَ في سفُر معصيةٍ ، والجمهور أنه لا يَقْصُر المسافرُ حتى يَخْرُجَ من بُيُوت القرية ، وحينئذٍ هو ضاربٌ في الأرْضِ ، وهو قولُ مالك وجماعةِ المَذْهَب ، وإلى ذلك في الرجوع ، وقد ثبت ؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم : " صَلَّى الظُّهْرَ بِالمَدِينَةِ أَرْبَعاً ، وَالعَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ " ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا ثُلُثُ يَوْمٍ ويظهر مِنْ قوله تعالى : { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ } أنَّ القَصْر مباحٌ أو مخيَّر فيه ، وقد رَوَى ابنُ وهْبٍ ، عن مالكٍ ، أنَّ المسافِرَ مخيَّر فيه ؛ وقاله الأَبْهَرِيُّ ؛ وعليه حُذَّاق المذْهَب ، وقال مالكٌ في « المبسوط » : القَصْرُ سُنَّةٌ ؛ وهذا هو الذي عليه جمهورُ المَذْهب ؛ وعليه جوابُ « المدوَّنة » بالإعادة في الوَقْت لِمَنْ أتَمَّ في سفرِه . وقال ابنُ سُحْنُون وغيره : القَصْرُ فَرْضٌ . وقوله تعالى : { إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ … } الآية ، وفي حديثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّة ، قال : قُلْتُ لعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ : إنَّ اللَّه تعالَىٰ يقُولُ : { إنْ خِفْتُمْ } ؛ وقَدْ أَمِنَ النَّاسُ ، فقالَ : عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ ؛ " صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ ، فَٱقْبَلُوا صَدَقَتَهُ " . ويَفْتِنَكُمْ : معناه يمتحنَكُمْ بالحَمْلِ عليكم ، وإشغالِ نفوسكُمْ ، وذلك أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا صلَّى الظُّهْر بأصحابه ، قال المُشْرِكُونَ : قد أَمْكَنَكُمْ محمَّد وأصحابه مِنْ ظُهورِهِمْ ، هَلاَّ شَددتُّمْ عَلَيْهم ، فقال قائلٌ منهم : إنَّ لَهُمْ أُخْرَىٰ فِي أَثَرِهَا ، فأنزل اللَّهُ تعالَىٰ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ : { إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } إلى آخر صلاة الخَوْف .