Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 102-102)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ … } الآية : قال جمهورُ الأُمَّة : الآية خطَابٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وهو يتناول الأمراء بعده إلَىٰ يوم القيامة ، وكذلك جمهورُ العلماء علَىٰ أنَّ صلاة الخَوْف تصلَّىٰ في الحَضَر ، إذا نزَلَ الخَوْف ، قال الطبريُّ : { فَأَقَمْتَ لَهُمُ } : معناه : حُدُودَهَا وهَيئَتَهَا . وقوله تعالى : { فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ } : أمر بالانقسامِ ، أي : وسائرهم وِجَاه العَدُوِّ ، ومعظم الرواياتِ والأحاديثِ على أنَّ صلاةَ الخَوْف إنما نزلَتِ الرخْصَةُ فيها في غَزْوة ذاتِ الرِّقَاعِ ، واختلف من المأمورُ بأخْذ الأسلحَةِ هنا ؟ فقيل : الطائفة المصلِّية ، وقيل : بل الحَارِسة . قال * ع * : ولفظ الآية يتناوَلُ الكلَّ ، ولكن سِلاَحُ المصلِّين ما خَفَّ ، قُلْتُ : ومن المعلوم أنه إذا كانَتِ الطائفةُ المصلِّيةُ هي المأمورَةَ بِأخْذِ السِّلاحِ ، فالحارسَةُ من باب أحْرَىٰ . وٱختلفتِ الآثارُ في هَيْئَة صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاةَ الخَوْف ؛ وبِحَسَبِ ذلك ، ٱختلَف الفقَهَاء ، فَرَوَىٰ يزيدُ بْنُ رُومَانَ ، عن صالح بنِ خَوَّاتٍ ، عن سهلِ بْنِ أبي حَثْمَةَ ؛ أنَّهُ صَلَّىٰ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَةَ الخَوْفِ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعَ ، فَصُفَّتْ طَائِفَةٌ مَعَهُ ، وَطَائِفَةٌ وجَاهَ العَدُوِّ ، وجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَىٰ ، فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلاَتِهِ ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِساً ، وأتَمُّوا لأنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ ، وروى القاسمُ بْنُ محمَّدٍ ، عن صالحِ بْنِ خَوَّاتٍ ، عن سَهْلٍ هذا الحديثَ بعينه ، إلا أنَّهُ رُوِيَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ صَلَّى بالطائفةِ الأخيرةِ ركْعَةً ، سلَّم ، ثم قضَتْ بعد سَلاَمِهِ ، وبحديثِ القاسمِ بنِ محمَّد ، أخَذَ مالكٌ ، وإليه رجَعَ بَعْدَ أنْ كان أولاً يميلُ إلَىٰ روايةِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ، ورَوَىٰ عبْدُ الرزَّاق عن مجاهدٍ ، قال : لَمْ يصلِّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم صلاَةَ الخَوْفِ إلاَّ مرَّتَيْنِ : مرَّةً بذاتِ الرِّقَاعِ مِنْ أرض بني سُلَيْمٍ ، ومرةً بعُسْفَانَ ، والمشركُونَ بِضُجْنَانَ بينهم وبَيْنَ القِبْلَةِ . قال * ع * : وظاهرُ ٱختلافِ الرِّوَايَاتِ عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يقتضي أنَّه صلَّىٰ صلاةَ الخَوْف في غير هَذيْن الموطِنَيْنِ ، وقد ذكر ابنُ عبَّاس ؛ أنه كَانَ في غَزْوة ذِي قَرَدٍ صلاةَ خَوْفٍ . وقوله تعالى : { فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَائِكُمْ … } الآية : المعْنَىٰ : فإذا سَجَدوا مَعكَ الركعةَ الأُولَىٰ ، فلْيَنْصَرِفُوا ؛ هذا علَىٰ بعض الهيئات المرويَّة ، وقيل : المعنَىٰ : فإذا سَجَدوا ركْعةَ القضاءِ ، وهذا علَىٰ رواية ابنِ أبي حَثْمَةَ ، والضميرُ في قوله : { فَلْيَكُونُواْ } ، يحتملُ أنْ يكون لِلَّذِينَ سَجَدُوا ، ويحتمل أن يكون للطائفةِ القائِمَةِ أولاً بإزاء العَدُوِّ ، ويجيء الكلامُ وَصَاةً في حال الحَذَرِ والحَرْب . وقوله تعالى : { وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ … } الآية : إخبارٌ عن مُعْتَقَدِ القومِ ، وتحذيرٌ من الغَفْلةِ ؛ لَئِلاَّ ينالَ العَدُوُّ أمَلَهُ ، وأسْلِحَةٌ : جمعُ سلاحٍ ، وفي قوله تعالى : { مَّيْلَةً وٰحِدَةً } : مبالغةُ ، أي : مستأصِلَةً لا يُحْتَاجُ معها إلَىٰ ثانية . وقوله تعالى : { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ … } الآية : ترخيصٌ . قال ابنُ عَبَّاس : نزلَتْ بسبب عبد الرحمن بْنِ عَوْفٍ ، كان مريضاً ، فوضع سلاحَهُ ، فعنَّفه بعْضُ النَّاس . قال * ع * : كأنهم تَلَقَّوُا الأمر بأخْذ السِّلاحِ على الوُجُوبِ ، فرخَّص اللَّه تعالَىٰ في هاتَيْنِ الحالَتَيْنِ ، وينقاسُ عليهما كُلُّ عذرٍ ، ثم قَوَّىٰ سبحانه نُفُوسَ المؤمنِينَ بقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَـٰفِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } .