Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 105-105)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ بِٱلْحَقّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَا أَرَٰكَ ٱللَّهُ … } الآية : في هذه الآيةِ تشريفٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وتفويضٌ إليه ، وتقويمٌ أيضاً على الجادَّة في الحُكْم ، وتأنيبٌ مَّا علَىٰ قبولِ ما رُفِعَ إلَيْه في أمْر بَنِي أُبيْرِقٍ بِسُرْعَةٍ . وقولُهُ تعالى : { بِمَا أَرَاكَ ٱللَّهُ } : معناه : علَىٰ قوانينِ الشَّرْعِ إمَّا بوَحْيٍ ونَصٍّ أو نَظَرٍ جارٍ علَىٰ سَنَنِ الوحْي ، وقد تضمَّنَ اللَّه تعالَىٰ لأنبيائه العِصْمَةَ . وقوله تعالى : { وَلاَ تَكُنْ لّلْخَائِنِينَ خَصِيماً } ، قال الهَرَوِيُّ : { خَصِيماً } : أيْ : مُخَاصِماً ، ولا دَافِعاً . انتهى . قال * ع * : سببها ، بٱتفاقٍ من المتأولين : أمْرُ بني أُبَيْرِقٍ ، وكانوا إخْوَةً : بِشْرٌ ، وبَشِيرٌ ، وَمُبَشِّر ، وطُعَيْمَةُ ، وكان بَشِيرٌ رجلاً منافقاً يهجُو أصحابَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وينحل الشِّعْر لغيره ، فكان المسلمونَ يَقُولُونَ : واللَّهِ ، ما هو إلاَّ شِعْرُ الخَبِيثِ ، فقال شعراً يتنصَّل فيه ؛ فَمِنْهُ قوله : [ الطويل ] @ أَفِي كُلِّ مَا قَالَ الرِّجَالُ قَصِيدَة نُحِلْتُ ، وَقَالُوا : ٱبْنُ الأُبَيْرِقِ قَالَهَا @@ قال قتادةُ بنُ النُّعْمَانِ : وكان بَنُو أُبَيْرِقٍ أهْلَ فَاقَةٍ ، فٱبتاعَ عَمِّي رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ حِمْلاً مِنْ دَرْمَكِ الشِّامِ ، فجعله في مَشْرُبَةٍ له ، وفي المَشْرُبَةِ دِرْعَانِ له ، وسَيْفَانِ ، فَعُدِيَ على المَشْرُبَةِ من اللَّيْلِ ، فلما أصْبَحَ ، أتانِي عَمِّي رفاعَةُ ، فقال : يَابْنَ أَخِي ، أتعلَمُ أنه قَدْ عُدِيَ علَيْنا في لَيْلَتِنَا هذه ، فَنُقِبَتْ مَشْرُبَتُنَا ، وذُهِبَ بطَعَامِنَا ، وسِلاَحِنا ، قال : فتحسَّسْنا في الدَّار ، وسألنا ، فَقِيلَ لنا : قد رأَيْنَا بَنِي أُبَيْرِقٍ ٱسْتَوْقَدُوا نَاراً في هذه الليلةِ ، ولاَ نُرَاهُ إلاَّ علَىٰ بعض طعامِكُمْ ، قال : وقد كان بَنُو أُبَيْرِقٍ قالُوا ، ونَحْنُ نَسْأَلُ : وَاللَّهِ ، مَا نَرَىٰ صَاحِبَكُمْ إلاَّ لَبِيدَ بْنَ سَهْلٍ ، رَجلٌ مِنَّا لَهُ صَلاَحٌ وإسْلاَمٌ ، فَسَمِعَ ذَلِكَ لَبِيدٌ ، فَٱخْتَرَطَ سَيْفَهُ ، ثُمَّ أَتَىٰ بَنِي أُبَيْرِقٍ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَيُخَالِطَنَّكُمْ هَذَا السَّيْفُ ، أَوْ لَتُبَيِّنُنَّ هَذِهِ السَّرِقَةَ ، فَقَالُوا : إلَيْكَ عَنَّا ، أَيُّهَا الرَّجُلُ ، فَوَاللَّهِ ، مَا أَنْتَ بِصَاحِبِهَا ، فَسَأَلْنَا فِي الدَّارِ حَتَّىٰ لَمْ نَشُكَّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهَا ، فَقَالَ لِي عَمِّي : يَابْنَ أَخِي ، لَوْ أَتَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأخبرتَهُ بِهَذِهِ القِصَّةِ ، فأتيتُهُ صلى الله عليه وسلم ، فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ ، فَقَالَ : ٱنْظُرْ فِي ذَلِكَ ، فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ بَنُو أُبَيْرِقٍ ، أَتَوْا رَجُلاً مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ : أُسَيْرُ بْنُ عُرْوَةَ ، فكلَّموه في ذلكَ ، وٱجتَمَعَ إلَيْهِ ناسٌ مِنْ أَهْلِ الدارِ ، فأَتَوْا رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ وَعَمَّهُ رِفَاعَةَ عَمَدَا إلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلِ إسْلاَمٍ وَصَلاَحٍ يَرْمِيَانِهِمْ بِالسَّرِقَةِ عَلَىٰ غَيْرِ بَيِّنَةٍ ، قال قَتَادةُ : فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمْتُهُ ، فَقَالَ : عَمَدتَّ إلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ ، ذُكِرَ مِنْهُمْ إسْلاَمٌ وَصَلاَحٌ ، فَرَمَيْتَهُمْ بِالسَّرِقَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ ، قال : فَرَجَعْتُ ، وَقَدْ وَدِدتُّ أَنْ أَخْرُجَ عَنْ بَعْضِ مَالِي ، وَلَمْ أُكَلِّمْهُ ، فَأَتَيْتُ عَمِّي ، فَقَالَ : مَا صَنَعْتَ ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : اللَّهُ المُسْتَعَانُ ، فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ نَزَلَ القُرآن : { إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ بِٱلْحَقّ … } الآيات ، قال : فالخائِنُونَ : بنو أُبَيْرِقٍ ، والبريءُ المَرْمِيُّ لَبِيدُ بْنُ سَهْلٍ ، والطائفةُ التي هَمَّتْ أُسَيْرٌ وأصحابُهُ . قال * ع * : قال قتادة وغَيْرُ واحدٍ : هذه القصَّة ونحوها إنما كان صاحبُها طُعْمَةَ بْنَ أُبَيْرِقٍ ، ويقال فيه : طُعَيْمَةُ . قال * ع * : وطُعْمَةُ بْنُ أُبَيْرِق صرَّح بعد ذلك بالاِرتدادِ ، وهَرَبَ إلَىٰ مكَّة ، فرُوِيَ أنه نَقَبَ حائطَ بَيْتٍ ؛ ليسرقه ، فٱنْهَدَمَ الحائطُ عليه ، فقَتَلَه ، ويُرْوَىٰ أنه ٱتَّبَعَ قوماً من العرب ، فسرقهم ، فقتلوه .