Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 117-119)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَـٰناً مَّرِيداً … } الآية : الضميرُ في { يَدْعُونَ } : عائدٌ علَىٰ مَنْ ذكر في قوله : { وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ } [ النساء : 115 ] ، و « إنْ » : نافيةٌ بمعنى « ما » ، ويدعون : عبارةٌ مغنيةٌ موجزةٌ في معنَىٰ : يعبدون ويتخذُونَ آلهة ، قُلْتُ وفي « البخاريِّ » { إِلاَّ إِنَـٰثاً } : يعني المَوَاتَ حَجَراً ومدَراً ، وما أشبهه . انتهى ، وفي مُصْحَف عائشَةَ : « إلاَّ أوثَاناً » ؛ ونحوه عن ابنِ عَبَّاس ، والمرادُ بالشَّيْطَانِ هنا إبليسُ ؛ قاله الجمهور ، وهو الصوابُ ؛ لأنَّ سائر المقالة به تليقُ ، و { مَرِيداً } : معناه : متمرِّداً عاتياً صليباً في غوايته ، وأصْلُ اللعْنِ : الإبعادُ ، والمفروضُ : معناه : في هذا الموضعِ المُنْحَاز ، وهو مأخوذٌ من الفرضِ ، وهو الحَزُّ في العود وغيره . قال * ع * : ويحتملُ أنْ يريد واجباً إن اتَّخَذَهُ ، وبَعْثُ النَّارِ هو نَصِيبُ إبْلِيسَ . وقوله : { وَلأُضِلَّنَّهُمْ … } الآية : معنى أُضِلَّنَّهُمْ : أصرفُهُمْ عن طريقِ الهُدَىٰ ، { وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ } لأسوِّلَنَّ لهم ، وأَمَانِيُّهُ لا تنحصرُ في نَوْعٍ واحدٍ ، والبَتْكَ : القَطْع . وقوله : { وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ } اختلف المتأوِّلون في معنى تَغْيير خَلْق اللَّه ، ومِلاَكُ تفسير هذه الآية أنَّ كلَّ تغييرٍ ضَارٍّ ، فهو داخلٌ في الآية ، وكلّ تغييرٍ نافعٍ فهو مباحٌ ، وفي « مختصر الطبريِّ » : { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ } ، قال ابنُ عبَّاس : خَلْقَ اللَّهِ : دِينَ اللَّهِ ، وعن إبراهيم ، ومجاهدٍ ، والحسن ، وقتادَةَ ، والضَّحَّاك ، والسُّدِّيِّ ، وابْنِ زَيْدٍ مثله ، وفسَّر ابن زيد : { لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ } [ الروم : 30 ] ، أيْ : لِدِينِ اللَّهِ ، واختارَ الطبريُّ هذا القوْلَ ؛ واستدلِّ له بقوله تعالَىٰ : { ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ } [ الروم : 30 ] وأَجاز أنْ يدخل في الآية كلُّ ما نَهَى اللَّه عَنْهُ مِنْ معاصيه ، والتَّرْكِ لطاعته . انتهى ، وهو حَسَنٌ . قال * ع * : واللامَاتُ كلُّها للقَسَمِ . قال * ص * : { وَلأُضِلَّنَّهُمْ } ، مفعوله محذوفٌ ، أي : عن الهُدَىٰ ؛ وكذا : { وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ } ، أي : الباطلَ ؛ وكذا { وَلآمُرَنَّهُمْ } ، أي : بالبَتْكِ ، فَلَيُبَتِّكُنَّ ؛ وكذا : { وَلآمُرَنَّهُمْ } ، أي : بالتغيير ، فَلَيُغَيِّرُنَّ كُلَّ ما أوجده اللَّه للطَّاعَةِ فيستعينُونَ به في المَعْصِيَةِ . انتهَىٰ . ولما ذكر اللَّه سبحانه عُتُوَّ الشيطانِ ، وما توعَّد بهِ منْ بَثِّ مَكْرِهِ ، حَذَّر تبارك وتعالَىٰ عبادَهُ ؛ بأن شرط لمن يتَّخذه وليًّا جزاءَ الخُسْرَان .