Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 134-135)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةِ … } الآية : أيْ : من كان لا مُرَادَ له إلاَّ في ثوابِ الدنيا ، ولا يعتقدُ أنَّ ثَمَّ سواه ، فليس كما ظَنَّ ، بل عند اللَّه سبحانه ثوابُ الدارَيْنِ ، فَمَنْ قَصَدَ الآخرة ، أعطاه اللَّه مِنْ ثواب الدنيا ، وأعطاه قَصْدَهُ ، ومَنْ قَصَدَ الدنيا فقَطْ ، أعطاه من الدنيا ما قَدَّرَ له ، وكان له في الآخرة العَذَابُ ، واللَّه تعالَىٰ سميعٌ للأقوال ، بصيرٌ بالأعمال والنيَّات ، وفي الحديثِ الصَّحِيحِ ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ أنَّه قَالَ : " إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإنَّمَا لِكل امْرِىءٍ مَا نَوَى … " الحديثَ ، قال النوويُّ : بلَغَنَا عنِ ابْنِ عبَّاسٍ ؛ أنه قَالَ : « إنَّمَا يُحْفَظُ الرَّجُلُ عَلَىٰ قَدْرِ نِيَّتِهِ » ، وقال غيره : إنما يُعْطَى الناسُ علَىٰ قَدْر نيَّاتهم . انتهى . ثم خاطَبَ سبحانه المؤمِنِينَ بقوله : { كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ } ، وهو العدل ، ومعنى { شُهَدَاء لِلَّهِ } ، أيْ : لذاتِهِ ، ولوجْهِهِ ، ولمرضَاتِهِ سبحانه ، وقولُهُ : { وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ } : متعلِّق بـ { شُهَدَاء } ، هذا هو الظاهرُ الذي فَسَّر عليه الناس ، وأنَّ هذه الشهادة المذكورةَ هي في الحُقُوق ، ويحتملُ أنْ يكُونَ المعنَىٰ : شهداء للَّه بالوحْدَانيَّة ، ويتعلَّق قوله : { وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ } ، بـ { قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ } ، والتأويل الأولُ أبْيَنُ ، وشهادةُ المَرْءِ علَىٰ نفسه هو إقراره بالحقائِقِ . قال * ص * : وقوله تعالى : { إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً } : ضميرُ « يَكُنْ » عائدٌ إلى المشهودِ علَيْه ، والضميرُ في « بِهِمَا » عائد علَىٰ جِنْسَيِ الغَنِيِّ والفقيرِ . انتهى . قال * ع * : وقوله : { أَوْلَىٰ بِهِمَا } : أيْ : هو أنظر لهما ، وروَىٰ الطبريُّ ؛ أنَّ هذه الآيةَ هي بِسَبَبِ نازلةِ بَنِي أُبَيْرِقٍ ، وقيامِ مَنْ قَامَ فيها بغَيْر القسْطِ . وقوله تعالى : { فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ } : نهْيٌ بيِّنٌ ، واتباعُ الهوَىٰ مُرْدٍ مهلكٌ . وقوله تعالى : { أَن تَعْدِلُواْ } يحتملُ أنْ يكون معناه : مَخَافَةَ أنْ تَعْدِلُوا ، ويكون العَدْلُ هنا بمعنَى العُدُولِ عن الحقِّ ، ويحتملُ أنْ يكون معناه : مَحَبَّة أنْ تعدلوا ، ويكون العَدْلُ بمعنى القَسْطِ . وقوله تعالى : { وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ … } الآية : قال ابن عبَّاس : هي في الخَصْمَيْن يجلسَانِ بَيْن يَدَيِ القاضِي ، فيكون لَيُّ القاضي وإعراضُهُ لأحدهما عَلَى الآخر ، وقال ابنُ زَيْد وغيره : هي في الشُّهُود يَلْوِي الشهادَةَ بلسانِهِ ، أو يعرض عن أدائها . قال * ع * : ولفظ الآية يعمُّ القضاءَ والشَّهادة ، والتوسُّطَ بيْنَ النَّاسِ ، وكلّ إنسان مأخوذٌ بأنْ يعدل ، والخُصُوم مطلُوبُونَ بعَدْلٍ مَّا في القضاة ، فتأمَّله ، وقد تقدَّم تفسير اللَّيِّ ، وباقي الآية وعيدٌ .