Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 153-154)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَـٰبِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَـٰباً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ … } الآية : قال قتادة سَأَلَتِ اليهودُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنْ يأتيهم بكتابٍ مِنْ عند اللَّه خاصٍّ لليهودِ ، يأمرهم فيه بالإيمان بمحمَّد صلى الله عليه وسلم ونحوه عن ابْنِ جُرَيْجٍ ، وزاد : « إلَىٰ فلان ، وإلَىٰ فلانٍ أَنَّكَ رسُولُ اللَّهِ » ، ثم قال سبحانه ؛ علَىٰ جهة التسليَةِ لنبيِّه صلى الله عليه وسلم : { فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذٰلِكَ } ، وفي الكلامِ محذوفٌ يدلُّ عليه المذكورُ ، تقديره : فلا تُبَالِ ، يا محمد ، مِنْ سؤالِهِمْ وتَشَطُّطهم ؛ فإنها عادتهم ، وجمهورُ المتأوِّلين علَىٰ أنَّ { جَهْرَةً } معمولٌ لـ { أَرِنَا } ، أيْ : حتى نراه جهاراً ، أي : عياناً ، وأهلُ السُّنَّة معتقدون أنَّ هؤلاءِ لم يسألوا مُحَالاً عَقْلاً ، لكنَّه محالٌ من جهة الشَّرْع ؛ إذ قد أخبر تعالَىٰ علَىٰ ألسنَةِ أنبيائه أنَّهُ لاَ يُرَىٰ سبحانه في هذه الدنيا ، والرؤْيَةُ في الآخِرَةِ ثَابِتَةٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالخَبَرِ المُتَواتِرِ ، وهي جائزةٌ عقْلاً من غير تحديدٍ ، ولا تكييفَ ولا تحيُّز ؛ كما هو تعالَىٰ معلومٌ لا كالمعلومات ؛ كذلك هو مرئيٌّ ، لا كالمرئيَّات سبحانه ؛ هذه حُجَّة أهل السنة ، وقولُهم ، وقد تقدَّم قصص القَوْم في « البقرة » ، وظلمهم : هو تعنُّتهم وسؤَالُهم ما لَيْسَ لهم أنْ يسألوه . وقوله تعالى : { ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ } : « ثُمَّ » : للترتيب في الأخبار ، لا في نَفْس الأمرِ ، التقديرُ ؛ ثم قَدْ كان مِنْ أمْرِهِمْ أَن اتَّخذُوا العِجْلَ ، وذلك أنَّ اتخاذَ العِجْلِ كان عند أمْرِ المُضِيِّ إلى المناجاةِ ، ولم يكن الَّذِينَ صُعِقُوا مِمَّنِ اتخذ العِجْلَ ، لكنَّ الذين اتَّخذوه كانوا قَدْ جاءتهم البيِّنَاتُ . وقوله سبحانه : { فَعَفَوْنَا عَن ذٰلِكَ } ، يعني : بما ٱمْتَحَنَهُمْ به من القَتْل لأنْفُسِهِمْ ، ثم وقع العَفْوُ عن الباقِينَ منهم .