Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 1-1)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ … } الآية : في الآية تنبيهٌ على الصانع ، وعلى افتتاحِ الوجودِ ، وفيها حضٌّ على التواصل لحرمةِ هذا النَّسَب ، والمرادُ بالنَّفْس آدم صلى الله عليه وسلم ، وقال : { وٰحِدَةٌ } ؛ على تأنيثِ لفظ النَّفْس ، و « زَوجَهَا » ، يعني : حَوَّاء ، قال ابن عَبَّاس وغيره : خَلَق اللَّه آدم وَحِشاً في الجنة وحده ، ثم نام ، فَٱنْتَزَعَ اللَّهُ إحدى أضلاعه القُصَيْرَىٰ مِنْ شِمَاله ، وقيل : مِنْ يمينه ، فَخَلَقَ منها حَوَّاء ، ويَعْضُدُ هذا ــــ الحديثُ الصحيح في قوله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ أَعْوَجَ … " الحديث ، { وَبَثَّ } : معناه : نَشَرَ ؛ كقوله تعالى : { كَٱلْفَرَاشِ ٱلْمَبْثُوثِ } [ القارعة : 4 ] أي : المنتشر ، وفي تكرير الأمر بالتقوَىٰ تأكيدٌ لنفوس المأمورِينَ ، و { تَسَاءَلُونَ } : معْنَاه : تتعاطَفُون به ، فيقول أحدكم : أسألكَ باللَّه ، وقوله : { وَٱلأَرْحَامَ } ، أي : وٱتقوا الأرحَامَ ، وقرأ حمزةُ « والأَرْحَامِ » ( بالخفض ) ؛ عطفًا على الضميرِ ؛ كقولهم : أسألك باللَّه وبالرَّحِمِ ؛ قاله مجاهد وغيره . قال * ع * : وهذه القراءةُ عند نحاة البَصْرة لا تَجُوز ؛ لأنه لا يجوزُ عندهم أنْ يعطف ظَاهِرٌ على مضمرٍ مخفوضٍ إلا في ضرورة الشِّعْرِ ؛ كقوله : [ البسيط ] @ … فَٱذْهَبْ فَمَا بِكَ وَالأَيَّامِ مِنْ عَجَبِ @@ لأن الضميرَ المخفوضَ لا ينفصلُ ؛ فهو كحرف من الكلمة ، ولا يعطف على حرفٍ ، واستسهلَ بعضُ النحاة هذه القراءة . انتهى كلام * ع * . قال * ص * : والصحيحُ جوازُ العَطْف على الضميرِ المجرورِ من غير إعادة الجَارِّ ؛ كمذهب الكوفيِّين ، ولا تُرَدُّ القراءة المتواترةُ بمثل مذهب البصريِّين ، قال : وقد أمعنَّا الكلامَ عليه في قوله تعالَىٰ : { وَكُفْرٌ بِهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } [ البقرة : 217 ] انتهى ، وهو حسنٌ ، ونحوه للإمام الفَخْر . وفي قوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } : ضرْبٌ من الوعيدِ ، قال المُحَاسِبِيُّ : سألتُ أبا جَعْفَرٍ محمدَ بْنَ موسَىٰ ، فقلْتُ : أجمل حالاتِ العارفين ما هِيَ ؟ فقال : إن الحال التي تَجْمَعُ لك الحالاتِ المَحْمُودةَ كلَّها في حالةٍ واحدةٍ هي المراقبةُ ، فَألْزِمْ نفْسَكَ ، وقَلْبَكَ دَوَامَ العِلْمِ بنَظَرِ اللَّه إليك ؛ في حركَتِك ، وسكونِكِ ، وجميعِ أحوالِكِ ؛ فإنَّك بعَيْنِ اللَّهِ ( عزَّ وجلَّ ) في جميعِ تقلُّباتك ، وإنَّك في قبضته ؛ حيث كُنْتَ ، وإنَّ عين اللَّه علَىٰ قلبك ، ونَاظِرٌ إلى سِرِّك وعلانيتِكَ ، فهذه الصفةُ ، يا فَتَىٰ ، بحْرٌ ليس له شطٌّ ، بَحْر تجري منْه السواقِي والأنهارُ ، وتسيرُ فيه السُّفُن إلى معادِنِ الغنيمةِ . انتهى من كتاب « القصد إلى اللَّه سبحانه » .