Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 32-33)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ … } الآية : سَبَبُ الآيةِ أنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ : لَيْتَنَا اسْتَوَيْنَا مَعَ الرِّجالِ في المِيرَاثِ ، وشَارَكْنَاهُمْ في الغَزْوِ ، ورُوِيَ أنَّ أمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ ذَلِكَ ، أو نحوه ، وقال الرِّجَالُ : لَيْتَ لَنَا فِي الآخِرَةِ حَظّاً زَائِداً عَلَى النِّسَاءِ ؛ كَمَا لَنَا عَلَيْهِنَّ فِي الدُّنْيَا ، فنزلَتِ الآية . قال * ع * : لأنَّ في تَمَنِّيهم هذا تحكُّماً على الشِّريعة وتطرُّقاً إِلى الدَّفْع في صَدْر حَكْم اللَّه تعالَى ، فهذا نَهْيٌ عن كُلِّ تَمَنٍّ بخلاف حُكْم شرعيٍّ ، وأما التمنِّي في الأعمال الصَّالحة ، فذلك هو الحَسَن ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " وَدِدتُّ أنَ أُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، ثُمَّ أَحْيَا ، ثُمَّ أُقْتَلُ ، ثُمَّ أَحْيَا … " الحديث . وفي غير موضعٍ ؛ ولقوله تعالَى : { وَسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ } [ النساء : 32 ] . قال القُشَيْرِيُّ : سمعْتُ الشيخ أبا عَلِيٍّ يقولُ : مِنْ علاَمَاتِ المَعْرفة أَلاَّ تسأل حوائجَكَ ، قَلَّتْ أَوَ كَثُرَتْ إِلاَّ مِنَ اللَّهِ تعالَى مِثْلُ موسَى اشتاق إِلَى الرُّؤْية ، فقال : { رَبِّ أَرِنِيۤ أَنظُرْ إِلَيْكَ } [ الأعراف : 143 ] ، واحتاج مرَّةً إِلى رغيفٍ ، فقال : { رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } [ القصص : 24 ] انتهى من « التحبير » . وقوله تعالى : { لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ … } الآية : قالَتْ فرقة : معناه : من الأجْر ، والحسناتِ ، فكأنه قِيلَ للنَّاس : لا تَتَمَنَّوْا في أمرٍ مخالفٍ لما حكم اللَّه بِهِ ؛ لاختيارٍ تَرَوْنَهُ أَنْتُمْ ، فإِن اللَّه تعالَى قَدْ جَعَلَ لكلِّ أحدٍ نصيباً من الأجْر والفَضْلِ بحَسَب اكتسابِهِ فيما شَرَعَ لَهُ ، وهذا قولٌ حَسَن ، وفي تعليقه سبحانه النَّصِيبَ بالاِكتسابِ حَضٌّ علَى العَمَل ، وتنبيهٌ على كَسْب الخَيْر . وقوله سبحانه : { وَاسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ } ، قال ابنُ جُبَيْر وغيره : هذا في فَضْل العباداتِ ، والدِّينِ ، لا في فضل الدنيا ، وقال الجُمْهُور : ذلك على العمومِ ، وهو الذي يقتضيه اللفظ ، فقوله : { وَسْأَلُواْ ٱللَّهَ } يقتضي مفْعولاً ثانياً ، تقديره : واسألوا اللَّهَ الجَنَّة أو كثيراً من فضله . وقوله تعالى : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ … } أي : ولكلِّ أحدٍ ، قال ابنُ عَبَّاس وغيرهِ ، المَوَالِي هنا العَصَبَةُ والوَرَثَةُ ، والمعنَى : ولكلِّ أحدٍ جعلْنا موالِيَ يَرِثُونَ ممَّا تَرَكَ الوالدان والأقربُونَ . وقوله تعالى : { وٱلَّذِينَ } رفْعٌ بالاِبتداءِ ، والخَبَرُ في قوله : { فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } . واختُلِفَ من المراد بـ « الَّذِينَ » . فقال الحسن وابنُ عبَّاس وابنُ جُبَيْر وغيرهم : هم الأحْلاَفُ ، فإِنَّ العرب كانَتْ تتوارَثُ بالحِلْفِ ، ثم نُسِخَتْ بآيَات الأنْفَالِ : { وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ } [ الأنفال : 75 ] . وقال ابنُ عباس أيضاً : هم الذين كَانَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخَى بينهم ، كانوا يتوارَثُونَ بهذه الآيةِ ؛ حتى نُسِخَ ذلك بما تقدَّم . وقال ابنُ المسيَّب : هم الذين كانوا يُتَبَنَّوْن . قال * ع * : ولفظةُ المُعَاقَدَةِ والأَيْمَانِ ترجِّح أنَّ المراد الأَحْلاَفُ .