Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 41-42)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله جلَّت قدرته : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً … } الآيةَ : لما تقدَّم في التي قَبْلَها الإِعلامُ بتَحْقيق الأحكام يوم القيامة ، حَسُنَ بعد ذلك التَّنْبِيهُ على الحالَةِ الَّتي يُحْضَرُ ذلك فيها ، ويُجَاءُ فيها بالشُّهَدَاءِ على الأُمَمِ ، ومعنى الآيةِ : أنَّ اللَّه سبحانه يأتي بالأنبياءِ شُهَدَاءَ عَلَى أُمَمِهِمْ بالتَّصْديق والتَّكْذيب ، ومعنى الأُمَّة ؛ في هذه الآية : جميعُ مَنْ بُعِثَ إِلَيْه ؛ مَنْ آمَنَ منهم ، ومَنْ كَفَر ، وكذَلِكَ قال المتأوِّلون : إِن الإِشَارةَ بـ « هَـٰؤُلاۤءِ » إِلَى قُرَيْشٍ وغيرِهِم ، ورُوِيَ أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ ، فَاضَتْ عَيْنَاهُ ، وكذلك ذَرِفَتْ عَيْنَاهُ - عليه السلام - حِينَ قَرَأَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ ؛ حَسْبَما هو مذكورٌ في الحديثِ الصَّحِيح ، وفي « صحيحِ البخاريِّ » ، عن عُقْبَةَ بنِ عامرٍ ، قَالَ : " صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى المَيِّتِ بَعد ثمان سنين ، كالمُوَدِّع للأحياء والأموات ثم طلع المنبر ، فقال : إنِّي بَيْنَ أَيْدِيِكُمْ فَرَطٌ ، وأَنا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ ، وإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الحَوْضُ وإِنَّي لأَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِي هذا ، وإِنِّي لست أخشى عليكم أن تشركوا ، ولكني أخشى عليكُمُ الدنيا أن تنافسوها " ، قال : فكانت آخر نظرة نظرتها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقوله تعالى : { لَوْ تُسَوَّىٰ } قالت فرقة معناه : تنشق الأرض ، فيحصلون فيها ، ثم تتسوَّى هي في نفسها عليهم وبهم ، وقالت فرقة : معناه لو تستوي هي معهم في أن يكونوا ترابا كالبهائم . وقوله تعالى : { وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً } : معناه ، عند طائفة : أن الكفار ، لما يرونه من الهول وشِدَّة المخاوف ، يودون لو تسوى بهم الأرض ، فلا ينالهم ذلك الخوف ، ثم استأنف الكلام ، فأخبر أنهم لا يكتمون الله حديثا ، لنطق جوارحهم بذلك كله ، حين يقول بعضهم { وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] فيقول الله سبحانه : « كذبتم » ثم تنطق جوارحهم ، فلا تكتم حديثا ، وهذا قول ابن عباس . وقالت طائفة : الكلام كله متصل و وُدُّهم ألا يكتموا الله حديثا إنما هو ندم على كذبهم حين قالوا : { وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] والرسول في هذه الآية الجنس ، شرِّف بالذكر ، وهو مفرد دلَّ على الجمع .