Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 43-43)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ … } الآية : نزَلَتْ قبل تحريم الخَمْر ، وجمهورُ المفسِّرين علَىٰ أن المراد سُكْر الخَمْر إلاَّ الضَّحَّاك ، فإنه قال : المُرَادُ سُكْر النَّوْمِ ، وهذا قولٌ ضعيفٌ ، والمرادُ بـــ « الصَّلاة » هنا الصلاةُ المعروفةُ . وقالَتْ طائفةٌ : الصلاة هنا المرادُ بها مَوْضِعُ الصلاةِ ، والصلاةُ معاً . قال ابنُ العربيِّ في « الأحكام » : ورُوِيَ في سبب نزولِ هذه الآيةِ عن عَلِيٍّ ( رضي اللَّه عنه ) ؛ أنه قَالَ : صَنَعَ لنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ طَعَاماً ، فَدَعَانَا ، وسَقَانَا مِنَ الخَمْرِ ــــ يَعْنِي : وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا ــــ قَالَ : فَأَخَذَتِ الخَمْرُ مِنَّا ، وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ ، فَقَدَّمُونِي ، فَقَرَأْتُ : قُلْ يَـٰأَيُّهَا ٱلْكَـٰفِرُونَ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَنَحْنُ نَّعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ , قَال فَأَنزَلَ ٱللَّه تَعَالَى { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ … } الآية : خرَّجه الترمذيُّ وصحَّحه . انتهى . وقوله : { وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ } ، قال عليُّ بن أبي طالبٍ ( رضي اللَّه عنه ) وغيره : عَابِرُ السَّبِيلِ : المُسَافِرُ . وقال ابنُ مسعودٍ وغيره : عابر السَّبيل هنا : الخَاطِرُ في المَسْجِد ، وعَابِرُ سَبِيلٍ هو مِنَ العبور ، أي : الخطور والجَوَازُ ، والمريضُ المذكورُ في الآية هو الحَضَرِيُّ ، وأصل الغائِطِ ما ٱنْخَفَضَ مِنَ الأرض ، ثم كَثُر ٱستعمالُهُ في قضاء الحَاجَةِ . واللَّمْسُ في اللغةِ لَفْظٌ يقعُ لِلَّمْسِ الَّذي هو الجِمَاعُ ، ولِلَّمْسِ الذي هو جَسُّ اليدِ والقُبْلَةُ ونَحْوُهُ ، واختلف في موقِعِهَا هنا ، فمالكٌ ( رحمه اللَّه ) يقولُ : اللفظةُ هنا تقتضِي الوَجْهَيْنِ ، فالملامِسُ بالجِمَاعِ يتيمَّم ، والملامِسُ باليد يتيمَّم ، ومعنَىٰ قوله سبحانه : { فَتَيَمَّمُواْ } : ٱقْصِدُوا ، والصَّعِيدُ ؛ في اللغة : وَجْه الأرضِ ؛ قاله الخَلِيلُ وغيره ، واختلف الفُقَهاءُ فيه من أجْلِ تقييدِ الآيةِ إياه بالطَّيِّبِ . فقالتْ طائفة : يتيمَّم بوَجْه الأرْض ، تراباً كان أو رَمْلاً أو حجارةً أو مَعْدِناً أو سَبِخَةً ، وجعلَتِ الطِّيب بمعنى الطَّاهر ، وهذا هو مذهَبُ مالكٍ ، وقالتْ طائفة منهم : الطِّيب بمعنى المُنْبِتِ ؛ كما قال تعالى : { وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبّهِ } [ الأعراف : 58 ] ، فالصعيد عندهم هو الترابُ ، وهذه الطائفةُ لا تُجِيزُ التيمُّم بغيره ، فمكانُ الإجماع أنْ يتيمَّم في تُرَابٍ مُنْبِتٍ طاهرٍ غَيْرِ مَنْقُولٍ ، ولا مَغْضُوبٍ ، وترتيبُ القرآن الوجْهُ قبل اليدَيْنِ ، وبه قال الجمهور ، وفي « المدوَّنة » ؛ أنَّ التيمُّم ضربتانِ ، وجمهورُ العلماء أنَّه ينتهِي في مَسْح اليدَيْن إلى المرافق .