Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 56-57)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـئَايَـٰتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً … } الآية : لما تقدَّم في الآية وصْفُ المَرَدَةِ مِنْ بني إسرائيل وذِكْرُ أفعالهم وذُنُوبِهِمْ ، جاءَتْ هذه الآيةُ بالوَعيدِ النَّصِّ لهم بلفظٍ جَلِيٍّ عَامٍّ لهم ولغيرهم ؛ مِمَّنْ فَعَلَ فِعْلَهم من الكفرة ، واختلف في مَعْنَىٰ تَبْدِيل الجُلُودِ . فقالت فرقةٌ : تُبَدَّلُ عليهم جُلُودٌ أغْيَارٌ ؛ إذْ نفوسُهم هي المعذَّبة ، والجلودُ لا تَأْلَمُ في ذَاتِها ، وقالتْ فرقة : تبديلُ الجُلُودِ هو إعادَةُ ذلك الجِلْدِ بعينِهِ الذي كان في الدُّنيا ، وإنما سَمَّاه تبديلاً ؛ لأنَّ أوصافه تتغيَّر ، قال الحَسَنُ بْنُ أبي الحَسَن : تُبَدَّلُ علَيْهم في اليومِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَرَّةٍ ( عافَانا اللَّه مِنْ عذابِهِ برَحْمَتِهِ ) . ولما ذكر سبحانه وعيدَ الكُفَّار ، عَقَّبَ بوَعْد المُؤْمنين بالجَنَّة على الإيمانِ والأعمالِ الصَّالحة ، و { ظَلِيلاً } : معناه عند بعضهم : يَقِي الحَرَّ والبَرْدَ ، ويصحُّ أنْ يريدَ أنه ظِلٌّ لا يستحيلُ ولا يتنقَّلُ ، وصح وصفه بظَلِيلٍ ؛ لامتداده ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " إنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ الجَوَادُ المُضَمَّرُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ مَا يَقْطَعُهَا " ، وَرَأَيْتُ لِبَعْضِهِمْ مَا نَصُّهُ وذكر الطبريُّ في كتابه ، قال : لما خَلَق اللَّهُ عزَّ وجلَّ الجنَّةَ ، قالَ لَهَا : ٱمْتَدِّي ، فقَالَتْ : يا ربِّ ، كَمْ ، وإلىٰ كَمْ ؟ فَقَالَ لها : ٱمْتَدِّي مِائَةَ أَلْفِ سَنَةٍ ، فٱمتدَّتْ ، ثم قالَ لَهَا : ٱمْتَدِّي ، فقالَتْ : يا ربِّ : كَمْ ، وَالَىٰ كَمْ ؟ فقالَ لَهَا : امتدِّي مِائَةَ أَلْفِ سَنَةٍ ، فٱمْتَدَّتْ ، ثم قال لَهَا : ٱمْتَدِّي ، فقالَتْ : يَا رَبِّ : كَمْ ، وَإلَىٰ كَمْ ؟ فَقَالَ لَهَا : ٱمْتَدِّي مِقْدَار رَحْمَتِي ، فَٱمْتَدَّتْ ، فَهِيَ تَمْتَدُّ أَبَدَ الآبِدِينَ ، فَلَيْسَ لِلجَنَّةِ طَرَفٌ ؛ كَمَا أنَّهُ لَيْسَ لِرَحْمَةِ اللَّهِ طَرَفٌ . انتهى ، فهذا لا يُعْلَمُ إلا من جهة السَّمْع ، فهو ممَّا ٱطَّلَعَ عليه الطبريُّ ، وهو إمامٌ حافظٌ محدِّثٌ ثقةٌ ؛ قاله الخطيبُ أحمدُ بْنُ عليِّ بْنِ ثابتٍ .