Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 6-7)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَـٰمَىٰ … } الآية : الابتلاءُ : الاختبارُ ، و { بَلَغُواْ النّكَاحَ } : معناه : بَلَغُوا مَبْلَغَ الرجَالِ بِحُلُمٍ أوْ حَيْضٍ ، أوْ غَيْرِ ذلك ، ومعناه : جَرِّبوا عقولهم ، وقَرَائِحهم ، وتصرُّفهم ، و { ءانَسْتُمْ } : معناه : عَلِمْتُمْ ، وشَعَرْتُمْ ، وخَبَرْتُمْ ، ومالكٌ ( رحمه اللَّه ) يرَى الشَّرْطَيْن البُلُوغَ والرُّشد المختَبَرَ ، وحينئذٍ يدفع المال . قال * ع * : والبلوغُ لم تَسُقْهُ الآيةُ سِيَاقَ الشَّرْط ، ولكنَّها حالةُ الغالِبِ علَىٰ بني آدم ؛ أنْ تَلْتَئِمَ عقولُهم فيها ، فهو الوقْتُ الذي لا يُعْتَبَرُ شَرْط الرُّشْد إلاَّ فيه ، فقال : إذا بلغ ذلك الوقْتَ ، فلينظُرْ إلى الشرط ، وهو الرُّشْد حينئذٍ ؛ وفصاحةُ الكلامِ تدُلُّ علَىٰ ذلك ؛ لأنَّ التوقيتَ بالبلوغِ جاء بـــ « إذَا » ، والمشروطُ جاء بـ « إنْ » التي هي قاعدةُ حروفِ الشرطِ ، « وإذا » ليستْ بحَرْفِ شرطٍ إلاَّ في ضرورة الشِّعْر ، قال ابنُ عَبَّاس : الرُّشْد في العقلِ وتدبيرِ المَالِ لا غَيْرُ ؛ وهو قولُ ابنِ القَاسِمِ في مَذْهَبنا . وقال الحَسَنُ ، وقَتَادة : الرُّشْد في العَقْلِ والدينِ ؛ وهو روايةٌ أيضًا عن مالك . وقوله تعالى : { وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ } : نهي منه سبحانَه للأوصياء عَنْ أَكْل أموالِ اليتامَىٰ بغَيْر الواجبِ المُبَاح لهم ، والإسْرَافُ : الإفراط في الفَعْل ، والسَّرَف : الخَطَأُ في مواضع الإنفاق ، وبِدَاراً : معناه : مُبَادَرَةَ كِبَرِّهم ، أيْ أنَّ الوصِيَّ يستغنمُ مالَ مَحْجُورِهِ ، وأَنْ يَكْبَرُوا : نَصْبٌ بـ « بِدَار » ، ويجوز أنْ يكونَ التقديرُ مخافةَ أنْ يَكْبَرُوا . وقوله تعالَىٰ : { وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ } ، يقال : عَفَّ الرجُلُ عَنِ الشَّيْء ، وٱسْتَعَفَّ ، إذا أَمْسَكَ ، فَأُمِرَ الغنيُّ بالإمساك عَنْ مالِ اليتيمِ ؛ وأبَاحَ اللَّه للوصيِّ الفقيرِ أنْ يأكُلَ مِنْ مالِ يتيمه بالمَعْروف . واختلف العلماءُ في حَدِّ { ٱلْمَعْرُوفِ } ، فقال ابنُ عَبَّاس وغيره : إنما يأكل الوصيُّ بالمعروف ؛ إذا شَرِبَ مِنَ اللَّبَنَ ، وأَكَلَ مِنَ التَّمْر بما يهنأ الجَرْبَاء ، ويلطُّ الحَوْض ، ويُجِدُّ التمْر ، وما أشبهه ، قُلْتُ : يقال للقَطِرَانِ : الهَنا ؛ في لغة العرب ؛ كذا رأيته مَنْصُوصاً عليه . وقوله تعالى : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوٰلَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ } : أمْرٌ من اللَّه تعالَىٰ بالتحرُّز والحَزْم ، وهذا هو الأَصْل في الإشهاد في المَدْفُوعات كلِّها ؛ إذا كان حَبَسَهَا أوَّلاً معروفاً . قال * ع * : والأظهر أنَّ { حَسِيباً } هنا : معناه : حَاسِباً أعمالكم ، ومجازياً بها ، ففِي هذا وعيدٌ لكلِّ جاحدِ حَقٍّ . وقوله سبحانه : { لِّلرِّجَالِ نَصِيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوِٰلِدانِ وَٱلأَقْرَبُونَ … } الآية : قال قتادة وغَيْره : سبَبُ نزولِ هذه الآيةِ أنَّ العرب كَانَ منْها مَنْ لا يُوَرِّثُ النساءَ ، ويقولونَ : لا يَرِثُ إلاَّ مَنْ طَاعَنَ بالرُّمْحِ ، وقَاتَلَ بالسَّيْف .