Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 79-81)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { مَّا أَصَـابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ … } الآية : خطابٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وغيرُهُ داخلٌ في المعنَىٰ ، ومعنى الآية ؛ عند ابنِ عَبَّاس وغيره : على القَطْع ، وٱستئْنافِ الأخبارِ مِنَ اللَّه عزَّ وجلَّ ؛ بأنَّ الحسَنَةَ منْه ، ومِنْ فضله ، وبأنَّ السيئةِ مِنَ الإنسان ؛ بإذناه ، وهي من اللَّه تعالَىٰ بخَلْقِهِ وٱختراعه ، لا خالِقَ سواه سبحانه ، لا شريكَ لَهُ ، وفي مُصْحَفِ ابنِ مَسْعودٍ : « فَمِنْ نَفْسِكَ ، وَأَنَا قَضَيْتُهَا عَلَيْكَ » ، وقرأ بها ابنُ عَبَّاس ، وفي رواية : « وَأَنَا قَدَّرْتُهَا عَلَيْكَ » ؛ ويعْضُدُ هذا التأويلَ أحاديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم معناها : أنَّ ما يُصِيبُ ابْنَ آدَمَ من المصائِبِ ، فإنما هو عقوبةُ ذنوبه ، قال أبو جعفر أحمَدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُودِيُّ : قوله تعالى : { وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ } : خطابٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، والمرادُ غيره . انتهى . وفي قوله سبحانه : { وَأَرْسَلْنَـٰكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً } ، ثم تلاه بقوله : { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } : توعُّدٌ للكُفَّار ، وتهديدٌ تقتضيه قُوَّة الكلامِ ؛ لأن المعنَىٰ : شهيداً علَىٰ مَنْ كذَّبه . وقوله تعالى : { مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ } ، فالمعنى : أنَّ الرسول ـــ عليه السلام ـــ إنما يأمر وينهَىٰ ؛ بياناً وتبليغاً عن اللَّه ، و { تَوَلَّىٰ } : معناه : أَعْرَضَ ، و { حَفِيظاً } : يحتملُ معنَيَيْنِ : أي : لِتَحْفَظَهُمْ حتَّىٰ لا يقَعُوا في الكُفْر والمعاصِي ونحوه ، أو لتَحْفَظَ مساوِيَهُمْ وتَحْسِبَها عليهم ، وهذه الآيةُ تقتضِي الإعراضَ عَمَّنْ تولَّىٰ ، والتَّرْكَ له ، وهي قَبْلَ نزولِ القِتَالِ ، وإنما كانَتْ توطئةً ورِفْقاً من اللَّه عز وجل ؛ حتَّىٰ يستحكم أمرُ الإسلام . وقوله تعالى : { وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ … } الآية : نزلَتْ في المنافقينَ بٱتفاقِ المفسِّرين ، المعنَىٰ : يقولُونَ لك ، يا محمَّد : أَمْرُنَا طاعةٌ ، فإذا خرجوا مِنْ عِنْدِكَ ، ٱجتمعوا ليلاً ، وقالوا غيْرَ ما أظهروا لَكَ ، و { بَيَّتَ } : معناه : فَعَلَ لَيْلاً ، وهو مأخوذٌ مِنْ بَاتَ أوْ مِنَ البَيْتِ ؛ لأنه مُلْتَزَمٌ باللَّيْل . وقوله : { تَقُولَ } : يحتملُ أنْ يكون معناه : تَقُولُ أنْتَ ، ويحتملُ تَقُولُ هِيَ لَكَ ، والأمْرُ بالإعراض إنَّما هو عِنْدَ معاقبتهم ومجازاتِهِمْ ، وأما ٱستمرارُ عِظَتِهِمْ ودَعْوتِهِم ، فلازمٌ ، ثم أمر سبحانه بالتوكُّل عليه ، والتمسُّك بعُرْوته الوثقَىٰ ؛ ثقةً بإنجاز وعده في النَّصْر ، والوَكِيلُ : القائمُ بالأمورِ المُصْلِحُ لما يُخَافُ مِنْ فسادها .