Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 26-27)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ … } الآية : الآية حكاية لما فعله بعض كفار قريش ، كأبي جَهْلٍ وغيره ، لما خافوا استمالَةَ القُلُوبِ بالقُرْآنِ ، قالوا : متَىٰ قرأَ محمد فٱلْغطوا بالصَّفِيرِ والصِّيَاحِ وإنشادِ الشِّعْرِ ؛ حتى يَخْفَىٰ صَوْتُهُ ، فهذا الفعلُ منهم هو اللغو ، وقال أبو العالية : أرادوا : قَعُوا فيه وعَيِّبوه ، وقولهم : { لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } أي : تطمسون أمر محمد ، وتُمِيتُون ذكره ، وتَصْرِفُون عنه القلوبَ ، فهذه الغاية التي تمنوها ، ويأبى اللَّه إلاَّ أنْ يتم نوره ولو كره الكافرون . وقوله تعالى : { فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً … } الآية ، قوله : { فَلَنُذِيقَنَّ } : الفاء دخلَتْ على لام القسم ، وهي آيةُ وعيدٍ لقريشٍ ، والعذابُ الشديدُ : هو عذابُ الدنيا في بَدْرٍ وغيرها ، والجزاء بأسوإ أعمالهم هو عذابُ الآخرة . * ت * : حَدَّثَ أبو عُمَرَ في « كتاب التمهيد » قال : حدَّثنا أحمد بن قَاسِمٍ ، قال : حدَّثنا محمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، قال : حدَّثنا إبراهيمُ بْنُ موسَى بْنِ جَمِيلٍ ، قال : حدَّثنا عبد اللَّه بن محمَّد بن أبي الدنيا ، قال : حدثنا العَتَكِيُّ . قال : حدثنا خالد أبو يزيد الرَّقِّيُّ عن يحيى المَدَنِيِّ ، عن سالِم بْنِ عبد اللَّه عن أبيه قال : خرجْتُ مرةً ، فمررْتُ بِقَبْرٍ مِنْ قُبُورِ الجاهِلِيَّةِ ، فإذا رجلٌ قد خرج من القَبْرِ ، يَتَأَجَّجُ ناراً ، في عُنُقِهِ سلسلةٌ ، ومعي إدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ ، فَلَمَّا رآني قال : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، ٱسْقِنِي ، قال : فَقُلْتُ : عَرِّفْنِي ، فَدَعَانِي بِٱسْمِي ، أو كلمة تقولها العَرَبُ : يِا عَبْدِ اللَّهِ ، إذْ خَرَجَ عَلَىٰ أَثَرِهِ رَجُلٌ من القَبْرِ ، فقال : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، لاَ تَسْقِهِ ، فَإنَّهُ كَافِرٌ ، ثُمَّ أَخَذَ السِّلْسِلَةَ فَٱجْتَذَبَهُ ، فَأَدْخَلَهُ القَبْرَ ، قال : ثم أَضَافَنِي اللَّيْلَ إلَىٰ بَيْتِ عَجُوزٍ ، إلَىٰ جَانِبِهَا قَبْرٌ ، فسمعْتُ مِنَ القَبْرِ صَوْتاً يَقُولُ : بَوْلٌ وَمَا بَوْلٌ ، شَنٌّ وَمَا شَنٌّ ، فقلتُ للعَجُوزِ : ما هٰذَا ؟ قالَتْ : كَانَ زَوْجاً لِي ، وكان إذَا بَالَ لَمْ يَتَّقِ البَوْلَ ، وكُنْتُ أَقُولُ لَهُ : وَيْحَك ! إنَّ الجَمَلَ إذَا بَالَ تَفَاجّ ، وكان يَأْبَىٰ ، فهو يُنَادِي من يَوْم مَاتَ : بَوْلٌ وَمَا بَوْلٌ ، قلتُ : فما الشَّنُّ ؟ قالت : جاء رجلٌ عطشانُ فقال : ٱسْقِنِيٰ فقال : دُونَكَ الشَّنَّ ، فإذا لَيْسَ فيه شَيْءٌ ؛ فخَرَّ الرَّجُلُ مَيِّتاً ، فهُو ينادي مُنْذُ ماتَ : شَنٌّ وَمَا شنٌّ ، فلما قَدِمْتُ علَىٰ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أخبرتُهُ ، فنهَىٰ : أَنْ يُسَافِرَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ . قال أبو عمر : هذا الحديث في إسناده مجهولُونَ ، ولم نُورِدْهُ لِلاحتجاجِ به ؛ ولكنْ لِلاعتبار ، وما لم يكنْ حكم ، فقد تسامح الناسُ في روايته عن الضعفاء ، انتهى من ترجمة عبد الرحمن بن حَرْمَلَةَ ، وكلامه على قول النبي صلى الله عليه وسلم : " الشَّيْطَانُ يَهُمُّ بِالْوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ ، فَإذَا كَانُوا ثَلاَثَةً لَمْ يَهُمَّ بِهِمْ " وقد ذكرنا الحكاية الأولى عن الوَائِليِّ في سورة { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ } بغير هذا السند ، وأَنَّ الرجُلَ الأَوَّلَ هو أبو جَهْلٍ ، انتهى ، ثم ذكر تعالَىٰ مقالة كُفَّارِ يومِ القيامة إذا دَخَلُوا النار ؛ فإنَّهم يَرَوْنَ عظيمَ ما حَلَّ بِهِمْ وسُوء مُنْقَلَبِهِمْ ، فَتَجُولُ أَفكارهم فيمن كان سبب غوايتهم ومبادي ضلالتهم ، فيعظم غيظهم وَحَنَقُهُمْ عليه ، وَيَوَدُّونَ أنْ يَحْصُلَ في أشدِّ عذابٍ ، فحينئذٍ يقولُونَ : { رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا } وظاهر اللفظ يقتضِي أَنَّ الذي في قولهم : { ٱللَّذَيْنِ } إنما هو لِلْجِنْسِ ، أي : أَرنا كلَّ مُغْوٍ من الجنِّ والإنْسِ ، وهذا قول جماعة من المفسرين . وقيل : طلبوا ولد آدم الذي سَنَّ القَتْلَ والمعصية من البَشَرِ ، وإبليسَ الأبالسة من الجِنِّ ، وهذا قولٌ لا يخفَىٰ ضعفه ، والأَوَّلُ هو القويُّ ، وقولهم : { نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا } يريدون في أسفل طبقة في النار ؛ وهي أشدُّ عذاباً .