Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 40-43)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِى ءَايَـٰتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا … } الآية ، آيةُ وعيدٍ ، والإلحاد : المَيْلُ ، وهو هنا ميل عن الحَقِّ ؛ ومنه لَحْدُ المَيِّتِ ؛ لأنَّه في جانب ، يقال : لَحَدَ الرَّجُلُ ، وألحد بمَعْنًى . وٱخْتُلِفَ في إلحادهم هذا : ما هو ؟ فقال قتادة وغيره : هو إلحاد بالتكذيب ، وقال مجاهد وغيره : هو بالمُكَاءِ والصفير واللغو الذي ذهبوا إليه ، وقال ابن عباس : إلحادهم : وَضْعُهُمْ للكَلاَمِ غَيْرَ موضعه ، ولفظة الإلحاد تَعُمُّ هذا كُلَّه ، وباقي الآية بَيِّنٌ . وقوله تعالى : { ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ } وعيدٌ في صيغة الأمر ؛ بإجماع من أهل العلم . وقوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكْرِ … } الآية : يريد بـ { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } قريشاً ، و { ٱلذِّكْرِ } : القرآن ؛ بإجماع . واختُلِفَ في الخبر عنهم : أين هو ؟ فقالت فرقة : هو في قوله : { أُوْلَـئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } [ فصلت : 44 ] ، ورُدَّ بكثرة الحائل ، وأنَّ هنالك قوماً قد ذكروا بحسن رد قوله : « أولئك ينادون عليهم » ، وقالت فرقة : الخبر مُضمَرٌ ، تقديره : إنَّ الذين كفروا بالذكر لما جاءهم ، هَلَكُوا أو ضَلُّوا ، وقيل : الخبر في قوله : { وَإِنَّهُ لَكِتَـٰبٌ عَزِيزٌ } وهذا ضعيف لا يتجه ، وقال عمرو بن عُبَيْدٍ : معناه في التفسير : إنَّ الذين كفروا بالذِّكْرِ لما جاءهم كفروا به ، وإنه لكتاب عزيز ؛ قال * ع * : والذي يَحْسُنُ في هذا هو إضمار الخبر ، ولكِنَّهُ عند قوم في غير هذا الموضع الذي قدَّره هؤلاء فيه ؛ وإنَّمَا هو بعد { حَكِيمٍ حَمِيدٍ } ، وهو أَشَدُّ إظهاراً لِمَذَمَّةِ الكُفَّارِ به ؛ وذلك لأَنَّ قوله : { وَإِنَّهُ لَكِتَـٰبٌ } داخل في صفة الذكر المُكَذَّبِ بهِ ؛ فلم يتم ذكر المُخْبَر عنه إلاَّ بعد استيفاء وصفِهِ ، ووصفَ اللَّه تعالى الكتابَ بالعِزَّةِ ؛ لأنه بصحة معانيه مُمْتَنِعٌ الطَّعْنُ فيه والإزراء عليه ، وهو محفوظ من اللَّه تعالى ؛ قال ابن عباس : معناه : كريمٌ على اللَّه تعالى . وقوله تعالى : { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَـٰطِلُ } قال قتادة والسُّدِّيُّ : يريد : الشيطان ، وظاهر اللفظَ يَعُمُّ الشيطان ، وأنْ يجيء أمْرٌ يُبْطِلُ منه شَيْئاً . وقوله : { مِن بَيْنِ يَدَيْهِ } معناه : ليس فيما تقدم من الكتب ما يُبْطِلُ شَيْئاً منه . وقوله : { وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ } أي : ليس يأتي بعده من نَظَرِ ناظر وفِكْرَةِ عاقل ما يبطل شيئاً منه ، والمراد باللفظة عل الجملة : لا يأتيه الباطل من جهة من الجهات . وقوله : { تَنزِيلَ } خبر مبتدإٍ ، أي : هو تنزيلٌ . وقوله تعالى : { مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ } : يحتمل معنيين . أحدهما : أنْ يكون تسليةً للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عن مقالات ، قومه وما يلقَاهُ من المكروه منهم . والثاني : أنْ يكون المعنَىٰ : ما يقال لك من الوحي ، وتُخَاطَبُ به من جهة اللَّه تعالى إلاَّ ما قد قيل للرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ .