Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 47-50)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ … } الآية ، المعنى : إنَّ علم الساعة ووقتَ مجيئها يَرُدُّهُ كُلُّ مؤْمِنٍ متكلِّم فيه إلى اللَّه عز وجل . وقوله تعالى : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِى … } الآية ، التقدير : واذكر يوم يناديهم ، والضمير في { يُنَادِيهِمْ } الأظهر والأسبق فيه للفهم : أنَّه يريد الكفارَ عَبَدَةَ الأوثان ، ويحتمل أنْ يريد كُلَّ مَنْ عُبِدَ من دون اللَّه من إنسانٍ وغَيْرِهِ ، وفي هذا ضَعْفٌ ، وأَمَّا الضمير في قوله : { وَضَلَّ عَنْهُم } فلا ٱحتمالَ لِعَوْدَتِهِ إلاَّ على الكفار ، و { ءَاذَنَّاكَ } قال ابن عباس وغيره : معناه : أعلمناك ما مِنَّا مَنْ يشهدُ ، ولا مَنْ شَهِدَ بأنَّ لك شريكاً { وَضَلَّ عَنْهُم } أي : نَسُوا ما كانوا يقولُونَ في الدنيا ، ويَدْعُونَ من الآلهة والأصنام ، ويحتمل أن يريد : وضَلَّ عنهم الأصنام ، أي : تلفت ، فلم يجدوا منها نَصْراً ، وتلاشَىٰ لهم أمْرُهَا . وقوله : { وَظَنُّواْ } يحتمل أنْ يكونَ متَّصِلاً بما قبله ، ويكون الوقْفُ عليه ، ويكون قوله : { مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } استئنافاً ، نفَى أنْ يكُونَ لهم مَلْجَأً أو موضِعَ رَوَغَانٍ ، تقول : حَاصَ الرَّجُلُ : إذَا رَاغَ لِطَلَبِ النجاةِ مِنْ شَيْءٍ ؛ ومنه الحديثُ : " فَحاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إلَى الأَبْوَابِ " ، ويكونَ الظَّنُّ على هذا التأويل على بابه ، أي : ظَنُّوا أَنَّ هذه المقالة { مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } مَنْجَاةٌ لهم ، أو أمر يموِّهون به ، ويحتمل أنْ يكون الوقف في قوله : { مِن قَبْلُ } ، ويكون { وَظَنُّواْ } متصلاً بقوله : { مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } أي : ظنوا ذلك ، ويكون الظن على هذا التأويل بمعنى اليقين ، وقد تقدَّم البحثُ في إطلاق الظن على اليقين . * ت * : وهذا التأويلُ هو الظاهرُ ، والأوَّلُ بعيدٌ جدًّا . وقوله تعالى : { لاَّ يَسْـئَمُ ٱلإِنْسَـٰنُ مِن دُعَاءِ ٱلْخَيْرِ } هذه آياتٌ نزلَتْ في كُفَّارٍ ، قيل : في الوليد بن المُغِيرَةِ ، وقيل : في عُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ ، وجُلُّ الآية يُعْطِي أَنَّها نزلَتْ في كُفَّارٍ ، وإنْ كان أَوَّلُها يتضمن خُلُقاً ربما شارك فيها بَعْضُ المؤمنين . و { دُعَاءِ ٱلْخَيْرِ } إضافته إضافة المصدر إلى المفعول ، وفي مصحف ابن مسعود : « مِنْ دُعَاءٍ بالْخَيْرِ » والخيرُ في هذه الآية المالُ والصحَّةُ ، وبذلك تليق الآية بالكفَّار . وقوله تعالى : { لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِى } أي : بعملي وبما سعيت ولا يرى أَنَّ النِّعَمَ إنَّما هي فَضْلٌ من اللَّهِ تعالَىٰ ؛ قال * ص * : { لَيَقُولَنَّ } قال أبو البقاءِ : هو جَوَابُ الشَّرْطِ ، والفاء محذوفةٌ ، وقيل : هو جوابُ قَسَمٍ محذوفٍ ، قال * ص * : قُلْتُ : هذا هو الحَقُّ ، والأَوَّلُ غلَطٌ ؛ لأَنَّ القَسَمَ قد تقدَّم في قوله : { وَلَئِنِ } فالجواب له ، ولأَنَّ حذف الفاء في الجواب لا يجوزُ ، انتهى ، وفي تغليط الصَّفَاقُسِيِّ لأبي البقاء نظر . وقوله : { وَمَا أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً } قولٌ بَيِّنٌ فيه الجَحْدُ والكُفْر ، ثم يقول هذا الكافر : { وَلَئِن رُّجِّعْتُ إِلَىٰ رَبِّى } : كما تقولُونَ : « إن لي عنده للحسنى » أي : حالاً ترضيني من مال ، وبنين ، وغيرِ ذلك ، قال * ع * : والأمانيُّ على اللَّه تعالى ، وتركُ الجِدِّ في الطاعةِ مذمومٌ لكُلِّ أحد ؛ فقد قال عليه السلام : " الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لَمَا بَعْدَ المَوْتِ ، وَالْعَاجِزُ مَنِ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّىٰ عَلَى اللَّهِ " .