Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 44, Ayat: 18-24)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله : { أَنْ أَدُّواْ } مأخوذ من الأداء ، كأنَّه يقول : أنِ ادْفَعُوا إليَّ ، وأعطوني ، ومَكِّنُوني من بني إسرائيل ، وَإيَّاهم أراد بقوله : { عِبَادَ ٱللَّهِ } ، وقال ابن عباس : المعنى : اتبعوني إلى ما أدعوكم إليه من الحَقِّ ، فعباد اللَّه على هذا مُنَادًى مضافٌ ، والمؤدَّىٰ هي الطاعة ، والظاهر من شرع موسَىٰ ـــ عليه السلام ـــ أَنَّهُ بُعِثَ إلَىٰ دعاء فرعونَ إلَى الإيمَان ، وأَنْ يرسل بني إسرائيل ، فلمَّا أبى أَنْ يُؤمن ثبتت المكافحة في أنْ يرسل بني إسرائيل وقوله بعد : { وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِى فَٱعْتَزِلُونِ } كالنَّصَّ في أَنَّه آخر الأمرِ ، إنَّما يطلب إرسال بني إسرائيل فقط . وقوله : { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ … } الآية : المعنى : كانت رسالته ، وقوله : { أَنْ أَدُّواْ } { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ } أيْ : على شرع اللَّه ، وَعَبَّرَ بالعُلُوِّ عن الطغيان والعُتُوِّ ، و { أَن تَرْجُمُونِ } معناه : الرجم بالحجارة المُؤَدِّي إلى القتل ؛ قاله قتادة وغيره ، وقيل : أراد الرجم بالقول ، والأول أظهر ؛ لأنَّه الذي عاذَ منه ، ولم يَعُذْ من الآخر . * قلت * : وعن ابن عمر قال : قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " مَنِ ٱسْتَعَاذَ باللَّهِ فَأَعِيذُوهُ ، وَمَنْ سَأَلَكُمْ باللَّهِ فَأَعْطُوهُ ، وَمَنِ ٱسْتَجَارَ باللَّهِ فَأَجِيرُوهُ ، وَمَنْ أَتَىٰ إلَيْكُمْ بِمَعْرُوفٍ فَكَافِئوهُ ، فَإنْ لَمْ تَقْدِرُوا فَٱدْعُوا لَهُ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ " ، رواه أبو داود ، والنسائيُّ والحاكم ، وابن حِبَّانَ في « صحيحيهما » ، واللفظ للنِّسَائِيِّ ، وقال الحاكم : صحيحٌ على شَرْطِ الشيخَيْنِ ـــ يعني البخاريَّ ومسلماً ـــ اهـــ من « السلاح » . وقوله : { فَٱعْتَزِلُونِ } متاركَةٌ صريحةٌ ، قال قتادة : أراد خَلُّوا سَبِيلِي . وقوله : { فَدَعَا رَبَّهُ } قبله محذوفٌ ، تقديرُهُ : فما أجابوه لِمَا طُلِبَ منهم . وقوله : { فَأَسْرِ } قبله محذوفٌ ، أي : قَالَ اللَّهُ له فَأَسْرِ بِعبادِي ، قال ابن العربيِّ في « أحكامه » : السُّرَىٰ : سَيْرُ الليل ، و « الإدْلاَجُ » سَيْرُ السَّحَرِ ، و « التَّأْوِيبُ » : سير النهار ، ويقال : سَرَىٰ وأَسْرَىٰ انتهى . انتهى ، واخْتُلِفَ في قوله تعالى : { وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً } متى قالها لموسى ؟ فقالت فرقة : هو كلامٌ مُتَّصِلٌ بما قبله ، وقال قتادَةُ وغيره : خُوطِبَ به بعد ما جاز البحر ، وذلك أَنَّهُ هَمَّ أَنْ يضرب البَحْر ؛ ليلتئم ؛ خَشْيَةَ أَنْ يدخل فرعونُ وجنودُهُ وراءَهُ ، و { رَهْواً } معناه : ساكناً كما جُزْتَهُ ، قاله ابن عباس ، وهذا القول هو الذي تؤيِّده اللغَةُ ؛ ومنه قول القُطَامِيِّ : [ البسيط ] @ يَمْشِينَ رَهْواً فَلاَ الأَعْجَازُ خَاذِلَة وَلاَ الصُّدُورُ عَلَى الأَعْجَازِ تَتَّكِلُ @@ ومنه : [ البسيط ] @ وَأُمَّةٌ خَرَجَتْ رَهْواً إلَىٰ عِيد … @@ أي : خرجوا في سُكُونٍ وَتمَهُّلٍ . فقيل لموسَىٰ ـــ عليه السلام ـــ : ٱتْرُكِ البَحْرَ سَاكِناً على حاله من الانفراق ؛ ليقضي اللَّه أمراً كان مفعولاً .