Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 1-5)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { حـمۤ * تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ } يعني : القرآن . وقوله سبحانه : { مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًى وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّا أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ } : هذه الآية موعظة ، وزَجْرٌ ، المعنى : فانتبهوا أَيُّهَا الناسُ ، وٱنْظُرُوا ما يُرَادُ بكم ولِمَ خُلِقْتُمْ ، « والأَجَلُ المُسَمَّىٰ » : هو يَوْمُ القيامةِ . وقوله : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ } [ معناه : ] ما تَعْبُدُونَ ، ثم وقفهم على السَّمٰوَاتِ ؛ هَلْ لهم فيها شِرْكٌ ، ثم استدعَىٰ منهم كتاباً مُنَزَّلاً قبل القرآن يتضمَّن عبادَةَ الأَصْنَامِ ، قال ابن العربيِّ في « أحكامه » : هذه الآية مِنْ أَشْرَفِ آية في القرآن ؛ فإنَّها استوفَتِ الدَّلالَةَ على الشرائع عَقْلِيِّهَا وسَمْعِيِّها ؛ لقوله ـــ عزَّ وجلَّ ـــ : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ } فهذا بيانٌ لأدِلَّة العَقْلِ المتعلِّقة بالتوحيدِ ، وحُدُوثِ العالم ، وانفراد البارِي تعالَىٰ بالقدرة والعِلْمِ والوجُودِ والخَلْقِ ، ثم قال : { ٱئْتُونِى بِكِتَـٰبٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَا } : على ما تقولون ، وهذا بيان لأدلَّة السَّمْعِ ؛ فَإنَّ مدرك الحق إنما يكون بدليل العقل أو بدليل الشرع ، حسبما بَيَّنَّاهُ من مراتب الأدِلَّة في كتب الأصول ، ثم قال : { أَوْ أَثَـٰرَةٍ مِّنْ عِلْمٍ } يعني : أو عِلْمٍ يؤْثَرُ ، أي : يُرْوَىٰ ويُنْقَلُ ، وإنْ لم يكن مكتوباً ، انتهى . وقوله : { أَوْ أَثَـٰرَةٍ } معناه : أو بَقِيَّةٍ قديمةٍ من عِلْمِ أحد العلماءِ ، تقتضي عبادة الأصنام ، و « الأثارة » البَقِيَّةُ من الشيء ، وقال الحسنُ : المَعْنَىٰ : من عِلْمٍ تستَخْرِجُونَهُ فتثيرونه ، وقال مجاهدٌ : المعنَىٰ : هل مِنْ أَحَدٍ يأثر علماً في ذلك ، وقال القرطبيُّ : هو الإسناد ؛ ومنه قول الأَعْشَىٰ : من [ السريع ] @ إنَّ الَّذِي فِيهِ تَمَارَيْتُمَا بُيِّنَ لِلسَّامِعِ وَالآثِرِ @@ أي : وللمُسْنِدِ عن غيره ، وقال ابن عباس : الأثارة : الخَطُّ في التراب ، وذلك شيْءٌ كانَتِ العَرَبُ تفعله ، والضمير في قوله : { وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَـٰفِلُونَ } هو للأصنام في قول جماعة ، ويحتمل أنْ يكون لِعَبَدَتِهَا .