Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 23-26)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { قَالَ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللَّهِ … } الآية ، المعنى : قال لهم هود : إنَّ هذا الوعيد ليس من قِبَلِي ، وإنما الأمر فيه إلى اللَّه ، وعِلْمُ وقته عنده ، وإنَّما عَلَيَّ أَنْ أُبَلِّغَ فقطْ ، والضميرُ في { رَأَوْهُ } يحتمل أنْ يعودَ على العذاب ، ويحتمل أنْ يعودَ على الشيء المرئِيِّ الطالِعِ عليهم ، وهو الذي فَسَّرَهُ قوله : { عَارِضاً } و « العَارِض » : هو ما يَعْرِضُ في الجَوِّ من السحاب المُمْطِر ؛ قال ابن العربيِّ في « أحكامه » عند تفسيره قوله تعالى : { وَلاَ تَجْعَلُواْ ٱللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَـٰنِكُمْ } [ البقرة : 224 ] : كُلُّ شيء عَرَضَ ، فقد مَنَعَ ، ويقال لِمَا عَرَضَ في السماء من السحاب : « عارِضٌ » ؛ لأَنَّه مَنَعَ من رؤيتها ومن رؤية البدر والكواكب ، انتهى ، ورُوِيَ في معنى قوله : { مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } ؛ أَنَّ هؤلاء القومَ كانوا قد قَحَطُوا مُدَّةً ، فطلع هذا العارض من جهة كانوا يُمْطَرُونَ بها أبداً ، جاءهم من قِبَلِ وادٍ لهم يسمونه المُغِيثَ ، قال ابن عباس : ففرحوا به ، وقالوا : هذا عارضٌ مُمْطِرُنا ، وقد كذب هودٌ فيما أوعد به ، فقال لهم هُودٌ ـــ عليه السلام ـــ : ليس الأمر كما رأيتم ، بل هو ما استعجلتم به في قولكم : { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } [ الأحقاف : 22 ] ثم قال : { رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } وفي قراءة ابن مسعود : « مُمْطِرُنَا قَالَ هُودٌ : بَلْ هُوَ رِيحٌ » بإظهار المُقَدَّرِ و { تُدَمِّرُ } معناه : تُهْلِكُ ، و « والدمار » : الهلاك ، وقوله : { كُلَّ شَىْءِ } ظاهره العموم ، ومعناه الخُصُوصُ في كُلِّ ما أُمِرَتْ بتدميره ، وروي أَنَّ هذه الريح رمتهم أجمعين في البَحْرِ . ثم خاطب جلَّ وعلا قريشاً على جهة الموعظة بقوله : { وَلَقَدْ مَكَّنَـٰهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّـٰكُمْ فِيهِ } فَـ « مَا » بمعنى « الذي » ، و « إن » نافية وقعتْ مكان « مَا » لمختلف اللفظ ، ومعنى الآية : ولقد أعطيناهُمْ من القُوَّةِ والغِنَىٰ والبَسْطِ في الأموال والأجسامِ ـــ ما لم نُعْطِكُمْ ، ونالهم بسَبَبِ كُفْرِهِمْ هذا العَذَابُ ؛ فأنتم أحرَىٰ بذلك ؛ إذا تماديتم في كفركم ، وقالت فرقة : « إنْ » شرطية ، والجواب محذوف ، تقديره : في الذي إنْ مَكَّنَّاكم فيه طغيتم ، وهذا تَنَطُّعٌ في التأويل ، و « ما » نافية في قوله : { فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ } ؛ ويقوِّي ذلك دخولُ « مِنْ » في قوله : { مِّن شَىْءٍ } ، وقالت فرقةٌ : بل هي استفهامٌ ؛ على جهة التقرير ؛ و { مِّن شَىْءٍ } ـــ على هذا ـــ تأكيدٌ ؛ وهذا على غير مذهب سيبَوَيْهِ في دخول « مِنْ » في الجواب .