Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 49, Ayat: 13-14)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { يأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَـٰكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ … } الآية : المعنى : يأيها الناس ، أَنتم سواء من حيثُ أنتم مخلوقون ، وإنَّما جعلتم قبائل ؛ لأَنْ تتعارفوا ، أوْ لأَنْ تعرفوا الحَقَائِقَ ، وَأَمَّا الشرفُ والكرمُ فهو بتقوى اللَّه تعالى وسلامة القلوب ، وقرأ ابن مسعود : « لِتَعَارَفُوا بَيْنَكُمْ وَخَيْرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ » وقرأ ابن عباس : « لِتَعْرِفُوا أَنَّ » عَلَى وزن « تَفْعَلُوا » ـــ بكسر العين وبفتح الهمزة ـــ من « أَنَّ » ، وَرُوِيَ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ ، فَلْيَتَّقِ اللَّه " وأَمَّا الشعوب فهو جمع شَعْبٍ ، وهو أعظم ما يوجد من جماعات الناس مرتبطاً بنسب واحد ؛ كمُضَرٍ ورَبِيعَةَ وحِمْيَرَ ، ويتلوه القبيلة ، ثم العمارة ، ثم البطن ، ثم الفخذ ، ثم الفصيلة ، والأسرة وهما قرابة الرجل الأَدْنَوْنَ ، ثم نَبَّهَ سبحانه على الحذر بقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ } أي : بالمتقي الذي يستحق رُتْبَةَ الكرم ، وَخرَّج مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال : " إنَّ اللَّهَ أَوْحَىٰ إلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا ؛ حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَىٰ أَحَدٍ وَلاَ يَبْغِي أَحَدٌ عَلَىٰ أَحَدٍ " وروى أبو داودَ والتِّرْمِذِيُّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال : " لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمْ ، إنَّما هُمْ فَحْمٌ مِنْ جَهَنَّمَ ـــ أوْ لَيَكُونُنَّ عَلَى اللَّهِ أَهْوَنَ مِنَ الجُعَلِ الَّذِي يُدَهْدِهُ الخُرَاءَ بِأَنْفِهِ ، إنَّ اللَّهَ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا ؛ إنَّما هُوَ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ ، أوْ فَاجِرٌ شَقِيٌّ ، كُلُّكُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ " انتهى ، ونقله البغويُّ في « مصابيحه » . وقوله تعالى : { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ ءَامَنَّا } قال مجاهد : نزلت في بني أسد ، وهي قبيلة كانت تجاور المدينة ، أظهروا الإسلام ، وفي الباطن إنَّما يريدون المغانمَ وَعَرَضَ الدنيا ، ثم أمر اللَّه تعالى نَبِيَّهُ أَنْ يقول لهؤلاء المُدَّعِينَ للإيمان : { لَّمْ تُؤْمِنُواْ } أي : لم تصدقوا بقلوبكم ، { وَلَـٰكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا } أي : استسلمنا ، والإسلام يقال بمعنيين : أحدهما : الذي يَعُمُّ الإيمانَ والأعمالَ ، وهو الذي في قوله تعالى : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلَـٰمُ } [ آل عمران : 19 ] والذي في قوله ـــ عليه السلام ـــ : " بُنِيَ الإسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ " . والمعنى الثاني للفظ الإسلام : هو الاستسلام ، والإظهار الذي يُسْتَعْصَمُ به ويحقن الدم ، وهذا هو الذي في الآية ، ثم صَرَّحَ بأَنَّ الإيمان لم يدخل في قلوبهم ، ثم فتح باب التوبة بقوله : { وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ … } الآية ، وقرأ الجمهور : « لاَ يَلِتْكُمْ » من « لاَتَ يَلِيتُ » إذا نقص ؛ يقال : لاَتَ حَقَّهُ إذا نَقَصَهُ منه ، وقرأ أبو عمرو : « لاَ يَأْلِتْكُمْ » من « أَلَتَ يَأْلِتُ » وهي بمعنى لاَتَ .