Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 20-22)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَـٰقَوْمِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ … } الآية : المعنَىٰ : واذكُرْ لهم ، يا محمَّد ؛ على جهة إعلامهم بغيب كتبهم ؛ ليتحقَّقوا نبوَّتك ، ثمَ عَدَّدَ عيُونَ تلك النِّعم ، فقال : { إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ } : أي : حاطةٌ ، ومنقذون من النار ، وشَرَفٌ في الدنيا والآخرة ، { وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً } ، أي : فيكم ملوكاً ؛ لأن المُلْك شَرَفٌ في الدنيا ، وحَاطَةٌ في نوائبها ، { وَءَتَـٰكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّنَ ٱلْعَـٰلَمِينَ } ، قال مجاهد : هو المَنُّ والسَّلْوَىٰ ، والحَجَر ، والغَمَام ، وقال غيره : كثرة الأنبياء ؛ وعلَىٰ هذا القول : فالعالَمُونَ على العموم ، وعلى القول بأن المُؤْتَىٰ هو آيات موسَىٰ ، فالعَالَمُونَ عالَمُ زمانهم ؛ لأنَّ ما أوتي النبيُّ صلى الله عليه وسلم من آيات اللَّه أكْثَرُ من ذلك ، و { ٱلْمُقَدَّسَةَ } معناه : المطهَّرة ، قال ابن عباس : هي الطُّور وما حوله ، وقال قتادة : هي الشام ، قال الطبريُّ : ولا يختلف أنَّها بيْنَ الفُرَاتِ وعريشِ مِصْرَ . قال * ع * : وتظاهرت الرواياتُ ؛ أنَّ « دِمَشْقَ » هي قاعدةُ الجَبَّارِينَ ، ثم حذَّرهم موسى الارتداد على الأدبار ، وذلك هو الرجوعُ القهقرَىٰ ، والخاسرُ : الذي قد نقص حظُّه ، ثم ذكر عز وجل ؛ أنهم تعنَّتوا ونَكصُوا ، قالوا يا موسى : { إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ } ، والجَبَّار : من الجَبْر ؛ كأنه لِقُدْرته وغَشْمه وبَطْشه يَجْبُرُ الناس علَىٰ إرادته ، والنَّخْلَةُ الجُبَارَةُ : العاليةُ التي لا تُنَالُ بيدٍ ، وكان من خبر الجَبَّارين ؛ أنهم كانوا أهلَ قوَّة ، فلما بعث موسَىٰ الإثْنَيْ عَشَرَ نقيباً مُطَّلِعِينَ من أمر الجبَّارين ، وأحوالهم ، رأَوْا لهم قوةٌ وبطْشاً وتخيَّلوا أن لا طاقة لهم بهم ، فتعاقدوا بينهم علَىٰ أنْ يُخْفُوا ذلك مِنْ بني إسرائيل ، وأنْ يعلموا به موسَىٰ ؛ ليرَىٰ فيه أمر ربه ، فلما انصرفوا إلى بني إسرائيل ، خان منهم عَشَرة ، فعرَّفوا قراباتِهِمْ ، ومَنْ وثِقُوا به ، ففشا الخَبَر ؛ حتى ٱعْوَجَّ أمْرُ بني إسرائيل ، وقالوا : { ٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا } [ المائدة : 24 ] ، ولم يفِ مِنَ النُّقَبَاء إلا يُوشَعُ بْنُ نُونٍ ، وَكَالِبُ بْنُ يُوفَتَّا ، ويقال فيه : « كَالُوث » ( بثاء مثلَّثة ) .