Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 23-26)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ } أي : يخافُونَ اللَّه سبحانَهُ ؛ قال أكْثر المفسِّرين : الرجُلاَن يُوشَعُ بنُ نُونٍ ، وهو ابنُ أخْتِ موسَىٰ ، وكَالِبُ بْنُ يُوفَتَّا ، { أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا } بالإيمان الصحيحِ ، ورَبْطِ الجَأْشِ ، والثبوتِ ، وقولهم : { فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا … } الآية : عبارةٌ تقتضي كفراً ، وقيل : المعنَىٰ : فاذهب أنْتَ وربك يعينُكَ ، وأنَّ الكلام معصية لا كُفْر ، وذكر ابن إسحاق وغيره ؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كلَّم النَّاسَ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَقَالَ لَهُمْ : " أَشِيرُوا عَلَيَّ ، أَيُّهَا النَّاسُ ، فَقَالَ لَهُ المِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَسْنَا نَقُولُ ؛ كَمَا قَالَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ : { فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَـٰهُنَا قَـٰعِدُونَ } ، وَلَكِنْ نَقُولُ : ٱذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ بنَحْوِ هذا المعنَىٰ " ، ولما سَمِعَ موسَىٰ ـــ عليه السلام ـــ قولهم ، ورأَىٰ عصيانهم ، تبرَّأ إلى اللَّه منهم ، وقال داعياً عليهم : { قَالَ رَبِّ إِنِّي لآ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي } ، يعني : هارونَ . وقوله : { فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا } : دعاء حرجٍ ، والمعنى : فافرق بيننا وبينهم حتى لا نشقَىٰ بفسقهم ، { قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ } أي : قال اللَّه ، وحرَّم اللَّه تعالَىٰ على بني إسرائيل دخولَ تلك المدينة أربعين سنةً يتيهونَ في الأرض ، أي : في أرض تلك النازلة ، وهو فَحْص التيه ؛ وهو ؛ علَىٰ ما يحكَىٰ : طولُ ثلاثين ميلاً ، في عَرْضِ ستَّةِ فراسِخَ ، ويروَىٰ أنه لم يدخلِ المدينةَ أحد من ذلك الجِيلِ إلاَّ يُوشَعَ ، وكَالُوث ، وروي أنَّ يُوشَعَ نُبِّىءَ بعد كمالِ الأربعين سنَةً ، وخرَجَ ببني إسرائيل من التيه ، وقاتل الجَبَّارين ، وفتح المدينةَ ، وفي تلك الحَرْب ، وقفَتْ له الشمسُ ساعةً ، حتى استمرَّ هزم الجبَّارين ، والتيه : الذَّهَاب في الأرض إلى غير مقصِدٍ معلوم . وقوله تعالى : { فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَـٰسِقِينَ } معناه : فلا تحزَنْ ، والخطابُ بهذه الآية لموسَىٰ ـــ عليه السلام ـــ ، قال ابنُ عباس : ندم موسَىٰ على دعائه علَىٰ قومه ، وحزن عليهم ، فقال الله له : { فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَـٰسِقِينَ } .