Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 78-81)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرٰءِيلَ … } الآية : قال ابنُ عباس ( رضي اللَّه عنه ) : لُعِنُوا بكلِّ لسانٍ ؛ لُعِنُوا في التوراةِ ، وفي الزَّبُورِ ، والإنجيلِ ، والفُرْقَانِ . وقوله سبحانه : { كَانُواْ لاَ يَتَنَـٰهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ … } الآية : ذَمَّ اللَّه سبحانه هذه الفِرْقَةَ الملْعُونَةَ ؛ بأنهم كانوا لا يَتَنَاهَوْن عن منكرٍ فعلوه ، أي : أنهم كانوا يتجاهَرُونَ بالمعاصِي ، وإنْ نَهَىٰ منهم ناهٍ ، ولم يمتنعْ عن مواصلةِ العاصِي ، ومؤاكلتِهِ ، وخُلْطَتِهِ ؛ ورَوَى ابن مسعود ، قال : قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " إنَّ الرَّجُلَ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ كَانَ ، إذَا رَأَىٰ أَخَاهُ عَلَىٰ ذَنْبٍ ، نَهَاهُ عَنْهُ ؛ تَعْذِيراً ، فَإذَا كَانَ مِنَ الغَدِ ، لَم يَمْنَعْهُ مَا رَأَىٰ مِنْهُ ؛ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ أَوْ خَلِيطَهُ ، فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ تَعَالَىٰ ذَلِكَ مِنْهُمْ ، ضَرَبَ بِقُلُوبِ بَعْضِهِمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ، وَلَعَنَهُمْ عَلَىٰ لِسَانِ نَبِيِّهِمْ دَاوُدَ وعيسَىٰ " ، قال ابنُ مسعود : وكانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئاً فَجَلَسَ ، وَقَالَ : " لاَ ، وَاللَّهِ حَتَّىٰ تَأْخُذُوا عَلَىٰ يَدِ الظَّالِمِ ، فَتَأطُرُوهُ عَلَى الحَقِّ أَطْراً " ، والإجماعُ علَىٰ أن النهْيَ عن المنْكَرِ ـــ واجبٌ لمن أطاقه ، ونَهَىٰ بمعروفِ ، أي : برفْقٍ ، وقَوْلٍ معروفٍ ، وأمْنِ الضرر عليه ، وعلى المؤمنين ، فإن تعذَّر علَىٰ أحَدٍ النَّهْيُ ؛ لشيءٍ من هذه الوجوه ، ففَرْضٌ عليه الإنكارُ بقلبه ، وألاَّ يخالِطَ ذا المُنْكَرِ ، وقال حُذَّاق أهْل العِلْم : لَيْسَ مِنْ شروط الناهِي أنْ يكون سليماً من المَعْصية ، بل ينهَى العُصَاةُ بعضُهم بعضاً . وقوله سبحانه : { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } : اللامُ لامُ قسَمٍ ، وروى أبو داود عن أبي سعيدٍ الخدريِّ ، قال : قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " أَفْضَلُ الجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ " ، أو قَالَ : " كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أوْ أَمِيرٍ جَائِرٍ " انتهى . وقوله تعالى لنبيِّه محمَّد ـــ عليه السلام ـــ : { تَرَىٰ كَثِيراً } يحتمل أن تكون رؤيةَ عَيْن ؛ فلا يريد إلاَّ معاصريه ، ويحتمل أنْ تكونَ رُؤْيَة قَلْب ؛ وعلى هذا ، فيحتمل أن يريد المعاصِرَين له ، ويحتمل أن يُرِيدَ أسلافَهُم ، و { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } : عبدة الأوْثَان . وقوله سبحانه : { لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ … } ، أي : قدَّمته للآخرة ، واجترحته ، ثم فسَّر ذلك قولُه تعالَىٰ : { أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } ؛ فـ { أَن سَخِطَ } : في موضع رَفْعٍ بدَلٍ من { مَا } ، ويتحمل أن يكون التقدير : هو أنْ سَخِطَ اللَّه عليهم . وقوله تعالى : { والنَّبِيِّ } إنْ كان المرادُ الأَسْلاَفَ ، فالنبيُّ : داودُ وعيسَىٰ ، وإنْ كان المرادُ معاصِرِي نبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم ، فالمراد بـ « النبي » هو صلى الله عليه وسلم . وذهب بعضُ المفسِّرين إلى أنَّ قوله سبحانه : { تَرَىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ } كلامٌ منقطعٌ من ذكر بني إسرائيل ، وأنه يعني به المنافقين ؛ ونحوه لمجاهد .