Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 1-14)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { قۤ وَٱلْقُرْءَانِ ٱلْمَجِيدِ } قال مجاهد ، والضَّحَّاك ، وابن زيد ، وعِكْرَمَةُ : قۤ اسم الجبل المحيط بالدنيا ، وهو فيما يزعمون أَنَّهُ من زمردة خضراء ، منها خُضْرَةُ السماء وخضرة البحر ، وقيل في تفسيره غير هذا ، و { ٱلْمَجِيدِ } : الكريم في أوصافه الذي جمع كُلَّ مَعْلاَةٍ ، و { قۤ } مُقْسَمٌ به وبالقرآن ؛ قال الزَّجَّاجُ : وجواب القسم محذوف تقديره : قۤ والقرآن المجيد لتبعثن ، قال * ع * : وهذا قول حسن ، وأحسن منه أَنْ يكون الجواب هو الذي يقع عنه الإضراب ببل ، كأَنَّه قال : والقرآنِ المجيد ما رَدُّوا أمرك بحجة ، ونحو هذا ، مِمَّا لا بُدَّ لك من تقديره بعد الذي قَدَّره الزَّجَّاجُ ، وباقي الآية بَيِّنٌ مِمَّا تقدم في « صۤ » و « يونس » وغيرهما ، ثم أخبر تعالى ؛ رَدًّا على قولهم بأَنَّهُ سبحانه يعلم ما تأكل الأرضُ من ابن آدم ، وما تُبْقِي منه ، وأَنَّ ذلك في كتاب ، والحفيظ : الجامع الذي لم يَفُتْهُ شيء ؛ وفي الحديث الصحيح : " إنَّ الأَرْضَ تَأَكُلُ ابْنَ آدَمَ إلاَّ عَجْبَ الذَّنَبِ " وهو عَظْمٌ كالخَرْدَلَةِ ، فمِنْهُ يُرَكَّبُ ابن آدم ، قال * ع * : وحِفْظُ ما تنقص الأرض إنَّما هو ليعودَ بعينه يومَ القيامة ، وهذا هو الحَقُّ ؛ قال ابن عباس والجمهور : المعنى : ما تنقص من لحومهم وأبشارهم وعظامهم ، وقال السُّدِّيُّ : { مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ } أي : ما يحصل في بطنها من موتاهم ، وهذا قول حسن مضمنه الوعيد ، والمريج : معناه المخلط ؛ قاله ابن زيد ، أي : بعضُهم يقول : ساحر ، وبعضهم يقول : كاهن ، وبعضهم يقول : شاعر ، إلى غير ذلك من تخليطهم ، قال * ع * : والمريج : المضطرب أيضاً ، وهو قريب من الأَول ؛ ومنه مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ ، ومن الأَوَّلِ { مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ } [ الفرقان : 53 ] . ثم دَلَّ تعالى على العبرة بقوله : { أَفَلَمْ يَنظُرُواْ إِلَى ٱلسَّمَاءِ … } الآية ، { وَزَيَّنَّـٰهَا } أي : بالنجوم ، والفروج : الفطور والشقوقُ خلالها وأثناءها ؛ قاله مجاهد وغيره . * ت * : وقال الثعلبي بأثر كلام للكسائي : يقول : كيف بنيناها بلا عَمَدٍ ، وَزَيَّنَّاها بالنجوم ، وما فيها فتوق ؟ { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَـٰهَا } أي : بسطناها على وجه الماء ، انتهى ، والرواسي : الجبال ، والزوج : النوع ، والبهيج : الحَسَنُ المنظر ؛ قاله ابن عباس وغيره ، والمنيب : الراجع إلى الحَقِّ عن فكرة ونظر ؛ قال قتادة : هو المُقْبِلُ إلى اللَّه تعالى ، وخَصَّ هذا الصنف بالذكر ؛ تشريفاً لهم من حيثُ انتفاعُهُم بالتبصرة والذكرى ، { وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ } : البُرُّ ، والشعير ، ونحوُهُ مِمَّا هو نبات مُحَبَّبٌ يُحْصَدُ ؛ قال أبو حيان : { وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ } من إضافة الموصوف إلى صفته على قول الكوفيين ، أو على حذف الموصوف وإقامة الصفة مُقَامه ، أي : حب الزرع الحصيد على قول البصريين ، و { بَـٰسِقَـٰتٍ } حال مُقَدَّرَةٌ ؛ لأَنَّهَا حالةَ الإنبات ليست طوالاً ، انتهى ، و { بَـٰسِقَـٰتٍ } : معناه طويلات ذاهبات في السماء ، والطَّلْعُ أول ظهور التمر في الكُفَّرَى ، قال البخاريُّ : و { نَّضِيدٌ } معناه : مَنْضُودٌ بعضُه على بعض ، انتهى ، ووصف البلدة بالميت على تقدير القطر والبلد . ثم بَيَّنَ سبحانه موضع الشَّبَهِ فقال : { كَذٰلِكَ ٱلْخُرُوجُ } يعني : من القبور ، وهذه الآيات كلها إنَّما هي أَمْثِلَة وأَدِلَّة على البعث ، { وَأَصْحَـٰبُ ٱلرَّسِّ } : قوم كانت لهم بئر عظيمة ، وهي الرَّسُّ ، وكُلُّ ما لم يُطْوَ من بئر ، أو مَعْدِنٍ ، أو نحوه فهو رَسٌّ ، وجاءهم نبيٌّ يُسَمَّى حَنْظَلَةَ بن سفيان ـــ فيما رُوِيَ ـــ فجعلوه في الرَّسِّ وردموا عليه ، فأهلكهم اللَّهُ ، وقال الضَّحَّاك : الرَّسُّ بئر قُتِلَ فيها صاحب « يسۤ » ، وقيل : إنَّهم قوم عاد ، واللَّه أعلم . وقوله : { كُلٌّ } قال سيبويه : التقدير : كُلُّهم ، والوعيد الذي حَقَّ : هو ما سبق به القضاءُ من تعذيبهم .