Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 1-7)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { وَٱلذرِيَـٰتِ ذَرْواً … } الآية ، أقسم اللَّه عز وجل بهذه المخلوقات ؛ تنبيهاً عليها ، وتشريفاً لها ، ودَلاَلَةً على الاعتبار فيها ، حَتَّى يصيرَ الناظرُ فيها إلى توحيد اللَّه عز وجل ، فقوله : { وَٱلذرِيَـٰتِ } : هي الرياح بإجماعٍ و { ذَرْواً } نُصِبَ على المصدر ، و { فَٱلْحَـٰمِلَـٰتِ وِقْراً } قال عليٌّ : هي السحاب ، وقال ابن عباس وغيره : هي السفن الموقورة بالناس وأمتعتهم ، وقال جماعة من العلماء : هي أيضاً مع هذا جميع الحيوانِ الحامل ، وفي جميع ذلك مُعْتَبَرٌ ، و { فَٱلْجَـٰرِيَـٰتِ يُسْراً } قال عليٌّ وغيره : هي السفن في البحر ، وقال آخرون : هي السحاب ، وقال آخرون : هي الكواكب ؛ قال * ع * : واللفظ يقتضي جميعَ هذا ، و { يُسْراً } نعت لمصدر محذوف ، وصفات [ المصادر المحذوفة تعود أحوالاً ] ، و { يُسْراً } معناه : بسهولة و { فَٱلْمُقَسِّمَـٰتِ أَمْراً } : الملائكة ، والأمر هنا : اسم جنس ، فكأَنَّه قال : والجماعات التي تقسم أمورَ الملكوت ، من الأرزاق ، والآجال ، والخلق في الأرحام ، وأمر الرياح والجبال ، وغير ذلك ؛ لأَنَّ كُلَّ هذا إنَّما هو بملائكة تخدمه ، وأَنَّثَ { فَٱلْمُقَسِّمَـٰتِ } من حيث أراد الجماعات ، وهذا القَسَمُ واقع على قوله : { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَـٰدِقٌ … } الآية ، و { تُوعَدُونَ } يحتمل أنْ يكونَ من الوعد ، ويحتمل أَنْ يكون من الإيعاد ، وهو أَظهر ، و { ٱلدِّينِ } : الجزاء ، وقال مجاهد : الحساب . ثم أقسم تعالى بمخلوق آخر ، فقال : { وَٱلسَّمَاءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } والحُبُكُ : الطرائق التي هي على نظامٍ في الأجرام ، ويقال لما تراه من الطرائق في الماء والرمال إذا أصابته الريحُ : حبك ، ويقال لِتَكَسُّرِ الشعر : حُبُك ، وكذلك في المنسوجات من الأكسية وغيرها طرائِقُ في موضع تداخل الخيوط هي حبك ؛ وذلك لجودة خِلْقَةِ السماء ؛ ولذلك فَسَّرَها ابن عباس وغيره بذات الخلق الحَسَنِ وقال الحسن : حُبُكُهَا كَوَاكِبُها .