Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 49-55)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَمِن كُلِّ شَىْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ } قال مجاهد : معناه : أَنَّ هذه إشارة إلى المتضادات والمتقابلات من الأشياء ؛ كالليل والنهار ، والشقاوة والسعادة ، والهُدَى والضلال ، والسماء والأرض ، والسواد والبياض ، والصِّحَّةِ والمرض ، والإيمان والكفر ، ونحو هذا ، ورَجَّحَهُ الطبريُّ بأَنَّه أَدَلُّ على القدرة التي تُوجدُ الضدين ، وقال ابن زيد وغيره : هي إشارة إلى الأنثى والذكر من كل حيوان . * ت * : والأَوَّلُ أحسن ؛ لشموله لما ذكره ابن زيد . وقوله سبحانه : { فَفِرُّواْ إِلَى ٱللَّهِ … } الآية أمر بالدخول في الإيمان وطاعَةِ الرحمٰن ، وَنَبَّهَ بلفظ الفرار على أَنَّ وراءَ الناس عقاباً وعذاباً يَفِرُّ منه ، فجمعتْ لفظةُ « فروا » بين التحذير والاستدعاء . * ت * : وأسند أبو بكر ، أحمد بن الحسين البيهقيُّ في « دلائل النبوَّةِ » ( تصنيفه ) عن كَثِيرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عن أبيه ، عن جَدِّهِ " أَنَّ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ في الْمَسْجِدِ ، فَسَمِعَ كَلاَماً مِنْ زَاوِيَتِهِ ، وَإذَا هُوَ بِقَائِلٍ يَقُولُ : اللَّهُمَّ ، أَعِنِّي عَلَى مَا يُنْجِينِي مِمَّا خَوَّفْتَنِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ : أَلاَ تَضُمُّ إلَيْهَا أُخْتَهَا ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ : اللَّهُمَّ ، ارْزُقْنِي شَوْقَ الصَّادِقِينَ إلَى مَا شَوَّقْتَهُمْ إلَيْهِ " وفيه : " فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ ، فَإذَا هُوَ الخَضِرُ ـــ عليه السلام ـــ " ، انتهى مختصراً . وقوله تعالى : { كَذٰلِكَ } أي : سيرة الأمم كذلك ؛ قال عياض : فهذه الآية ونظائرها تسليةٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، عَزَّاهُ اللَّه ـــ عز وجل ـــ بما أخبر به عن الأُمَمِ السالفة ومقالها لأنبيائها ، وأَنَّه ليس أَوَّلَ مَنْ لَقِيَ ذلك ، انتهى من « الشفا » . وقوله سبحانه : { أَتَوَاصَوْاْ بِهِ } توقيف وتعجيب من توارد نفوس الكَفَرَةِ في تكذيب الأنبياء على تَفَرُّقِ أَزمانهم ، أي : لم يتواصوا ، لكنَّهُم فعلوا فعلاً كأَنَّهُ فعل مَنْ تواصى ، والعِلَّةُ في ذلك أَنَّ جميعهم طاغٍ ، والطاغي المستعلي في الأرض ، المُفْسِدُ . وقوله تعالى : { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } أي : عنِ الحرص المُفْرِطِ عليهم ، وذَهَابِ النفس حَسَرَاتٍ ، ولستَ بملوم ؛ إذ قد بَلَّغْتَ { وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ } : نافعة للمؤمنين ، ولمن قُضِيَ له أَنْ يكون منهم .