Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 33-38)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِى تَوَلَّىٰ … } الآية ، قال مجاهد ، وابن زيد ، وغيرُها : نزلت في الوليد بن المغيرة المخزوميِّ ؛ وذلك أَنَّهُ سَمِعَ قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وَوَعْظَهُ فقرب من الإسلام ، وطمع النبيُّ صلى الله عليه وسلم في إسلامه ، ثم إنَّه عاتبه رجلٌ من المشركين ، وقال له : أتتركُ مِلَّةَ آبائك ؟ ٰ ارجع إلى دينك ، واثبت عليه ، وأَنا أتَحَمَّلُ لك بكلِّ شيء تخافه في الآخرة ، لكن على أَنْ تعطيني كذا وكذا من المال ، فوافقه الوليد على ذلك ، ورجع عَمَّا هَمَّ به من الإسلام ، وأعطى بعضَ ذلك المالَ لذلك الرجل ، ثم أمسك عنه وشَحَّ ، فنزلت الآية فيه ، وقال السُّدِّيُّ : نزلت في العاصي بن وائل ؛ قال * ع * : فقوله : { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } على هذا ـــ هو في المال ، وقال مقاتل في كتاب الثعلبيِّ : المعنى : أعطى الوليدُ قليلاً من الخير بلسانه ، ثم { وَأَكْدَىٰ } ، أي : انقطع ما أعطى ، وهذا بَيِّنٌ من اللفظ ، والآخر يحتاج إلى رواية ، و { تَوَلَّىٰ } معناه : أدبر وأعرض عن أمر اللَّه ، { وَأَكْدَىٰ } معناه : انقطع عطاؤه ، وهو مشبه بالذي يحفر في الأرض ؛ فإنَّه إذا انتهى في حفر بئر ونحوه إلى كُدْيَةٍ ، وهي ما صَلُبَ من الأرض ـــ يَئِسَ من الماء ، وانقطع حفرُهُ ، وكذلك أجبل إذا انتهى في الحفر إلى جبل ، ثم قيل لمن انقطع : عمله أكدى وأجبل . * ت * : قال الثعلبيُّ : وأصله من الكُدْيَةِ ، وهو حجر في البئر يؤيس من الماء ؛ قال الكسائِيُّ : تقول العرب : أَكْدَى الحَافَرُ وأَجْبَلَ : إذا بَلَغَ في الحَفْرِ إلى الكُدْيَةِ والجَبَلِ ، انتهى . وقوله عز وجل : { أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } معناه : أَعَلِمَ من الغيب أَنَّ مَنْ تحمَّل ذنوبَ آخر انتفع بذلك المُتَحَمَّلُ عنه ؛ فهو لهذا الذي علمه يرى الحق وله فيه بصيرة ؟ ! أم هو جاهل ، لم يُنَبَّأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وَفَّى بما أُرْسِلَ بِه ، من أَنَّهُ لا تَزِرُ وازرة ، أي : لا تحملُ حَامِلَةٌ حَمْلَ أخرى ؛ وفي البخاري { وَإِبْرٰهِيمَ ٱلَّذِى وَفَّىٰ } : وَفَّىٰ ما فُرِضَ عليه ، انتهى .