Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 20-41)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { تَنزِعُ ٱلنَّاسَ } معناه : تقلعهم من مواضعهم قَلْعاً فتطرحهم ، ورُوِيَ عن مجاهد أَنَّ الريحَ كانت تُلْقِي الرجلَ على رأسه ؛ فيتفتت رأسُهُ وعُنُقُهُ ، وما يلي ذلك من بدنه ، قال * ع * : فلذلك حسن التشبيه بأعجاز النخل ؛ وذلك أَنَّ المنقلع هو الذي ينقلع من قعره ، وقال قوم : إنَّما شَبَّههم بأعجاز النخل ؛ لأَنَّهُمْ كانوا يحتفرون حفراً ليمتنعوا فيها من الريح ، فكأَنَّه شَبَّهَ تلك الحُفَرَ بعد النزع بحفر أعجاز النخل ، والنَّخْلُ : تُذَكَّرُ وتُؤَنَّثُ ، وفائدة تكرار قوله : { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ } التخويفُ وَهَزُّ النفوسِ ، وهذا موجود في تَكْرَارِ الكلام ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم : " أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ " ونحوه ، و [ قول ] ثمود لصالح : { أَبَشَراً مِّنَّا وٰحِداً نَّتَّبِعُهُ } : هو حسد منهم ، واستبعادٌ منهم أنْ يكونَ نوعَ البشر يفضل هذا التفضيلَ ، ولم يعلموا أَنَّ الفضلَ بيدِ اللَّه يؤتيه مَنْ يشاء ، ويفيض نورَ الهدى على مَنْ رَضيَهُ ، وقولهم : { إِنَّا إِذاً لَّفِى ضَلَـٰلٍ } أي : في ذهاب وانتلاف عن الصواب ، { وَسُعُرٍ } معناه : في احتراق أنفس واستعارها حنقاً ، وقيل : في جنون ؛ يقال : ناقة مسعورة إذا كانت خفيفةَ الرأس هائمةً على وجهها ، والأَشَرُ : البَطَرُ ، وقرأ الجمهور : { سَيَعْلَمُونَ } بالياء ، وقرأ حمزة وحفص : « سَتَعْلَمُونَ » بالتاء من فوق ؛ على معنى : قل لهم يا صالح . ثم أمر اللَّه صالحاً بارتقاب الفَرَجِ والصبر . * ت * : وقال الثعلبيُّ : { فَٱرْتَقِبْهُمْ } أي : انتظرهم ؛ ما يصنعون ، { وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ ٱلْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ } وبين الناقة ، لها شِرْبٌ ولهم شِرْبٌ يوم معلوم ، و { مُّحْتَضَرٌ } : معناه : محضور مشهود متواسى فيه ، وقال مجاهد : { كُلُّ شِرْبٍ } أي : من الماء يوماً ومن لبن الناقة يوماً محتضر لهم ، فكأَنَّه أنبأهم بنعمة اللَّه سبحانه عليهم في ذلك ، و { صَـٰحِبَهُمْ } : هو قدار بن سالف ، و { تعاطى } مطاوع « عاطى » فكأَنَّ هذه الفعلة تدافعها الناس ، وأعطاها بعضُهم بعضاً فتعاطاها هو ، وتناول العَقْرَ بيده ؛ قاله ابن عباس ، وقد تقدم قَصَصُ القوم ، و « الهشيم » : ما تفتَّت وتَهَشَّمَ من الأشياء ، و { ٱلْمُحْتَظِرِ } : معناه : الذي يصنع حظيرة ، قاله ابن زيد وغيره ، وهي مأخوذة من الحَظَرِ وهو المنع ، والعرب وأهلُ البوادي يصنعونها للمواشي وللسُّكْنَى أيضاً من الأَغصان والشجر المُورِقِ ، والقصب ، ونحوه ، وهذا كُلُّه هشيمٌ يتفتت ، إمَّا في أَوَّل الصنعة ، وإمَّا عند بِلى الحظيرة وتساقُطِ أجزائها ، وقد تقدم قَصَصُ قوم لوط ، والحاصب : مأخوذ من الحصباء . وقوله : { فَتَمَارَوْاْ } معناه : تشككوا ، وأهدى بعضُهم الشَّكَّ إلى بعض بتعاطيهم الشُّبَهِ والضلالِ ، و { ٱلنُّذُرُ } : جمع نذير ، وهو المصدر ، ويحتمل أَنْ يُرَادَ بالنذر هنا وفي قوله : { كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِٱلنُّذُرِ } ـــ جمع نذير ، الذي هو اسم فاعل . وقوله سبحانه : { فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ } قال قتادة : هي حقيقةً ؛ جَرَّ جبريل شيئاً من جناحه على أعينهم فاستوت مع وجوههم ، قال أبو عُبَيْدَةَ : مطموسة بجلدة كالوجه ، وقال ابن عباس والضَّحَّاك : هذه استعارة ؛ وإنَّما حجب إدراكهم فدخلوا المنزل ولم يروا شيئاً فجعل ذلك كالطمس . وقوله : { بُكْرَةً } قيل : عند طلوع الفجر . وقوله : { فَذُوقُواْ } : يحتمل أنْ يكون من قول اللَّه تعالى لهم ، ويحتمل أَنْ يكونَ من قول الملائكة ، وَنُذُرِي : جمع المصدر ، أي : وعاقبة إنذاري ، و { مُّسْتَقِرٌّ } أي : دائم استقر فيهم حَتَّى يُفْضِيَ بهم إلى عذاب الآخرة ، و { آلَ فِرْعَوْنَ } : قومه وأتباعه .