Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 29-36)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { يَسْأَلُهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } أي : مِنْ مَلَكٍ ، وإنس ، وجنٍّ ، وغيرهم ، لا غِنَىٰ لأحد منهم عنه سبحانه ، كُلُّهم يَسْأَله حاجَتَهُ ، إمَّا بلسانِ مقاله ، وإمَّا بلسانِ حاله . وقوله سبحانه : { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ } أي : يُظْهِرُ شأناً من قدرته التي قد سبقت في الأَزَلِ في ميقاته من الزمان ، من إحياءٍ وإماتةٍ ، ورِفْعَةٍ وخَفْضٍ ، وغيرِ ذلك من الأمور التي لا يعلم نهايتها إلاَّ هو سبحانه ، و « الشأن » : هو اسم جنس للأمور ، قال الحسين بن الفضل : معنى الآية : سَوْقُ المقادير إلى المواقيت ؛ وفي الحديث : " أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَرَأَ هٰذِهِ الآيَةَ ، فَقِيلَ لَهُ : مَا هٰذَا الشَّأْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : يَغْفِرُ ذَنْبَاً ، وُيُفَرِّجُ كَرْباً ، وَيَرْفَعُ قَوْماً ، وَيَضَعُ آخَرِينَ " وذكر النَّقَّاش أَنَّ سبب هذه الآيةِ قولُ اليهود : ٱسْتَرَاحَ اللَّهُ يَوْمَ السَّبْتِ ، فَلاَ يُنَفِّذُ فِيهِ شَيْئاً . وقوله تعالى : { سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلثَّقَلاَنِ } : عبارة عن إتيان الوقت الذي قَدَّرَ فيه ، وقَضَىٰ أَنْ ينظرَ في أُمور عباده ، وذلك يوم القيامة ، وليس المعنى : أَنَّ ثَمَّ شغلاً يتفرَّغ منه ؛ إذْ لا يشغله سبحانه شأنٌ عن شأن ، وإنَّما هي إشارةُ وعيدٍ وتهديدٍ ، قال البخاريُّ : وهو معروفٌ في كلام العرب ؛ يقال : لأَفْرُغَنَّ لَكَ ، وما به شُغُلٌ ، انتهى ، و { ٱلثَّقَلاَنِ } : الإِنس والجن ؛ يقال : لكل ما يَعْظُمُ أمرُه : ثَقَلٌ ، وقال جعفرُ بْنُ محمَّدٍ الصَّادِقُ : سُمِّيَ الإنْسُ والجِنُّ ثَقَلَيْنِ ؛ لأَنَّهما ثَقُلاَ بالذنوبِ ، قال * ع * : وهذا بارعٌ ينظر إلَىٰ خلقهما من طين ونار ، واختلف الناسُ في معنى قوله تعالى : { إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ … } الآية : فقال الطبريُّ : قال قوم : المعنى : يُقَالُ لهم يومَ القيامة : { يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ … } الآية ، قال الضَّحَّاك : وذلك أَنَّهُ يَفِرُّ الناسُ في أقطار الأرض ، والجِنُّ كذلك ؛ لما يَرَوْنَ من هول يوم القيامة ، فيجدون سَبْعَةَ صفوف من الملائكة ، قد أحاطَتْ بالأرض ، فيرجعون من حيثُ جاؤوا ، فحينئذٍ يقال لهم : { يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ } ، وقال بعض المفسِّرين : هي مخاطبةٌ في الدنيا ، والمعنى : إنِ ٱستطعتم الفِرَارَ مِنَ المَوْتِ بأنْ تَنْفُذُوا من أقطار السمٰوات والأرض ، فٱنفذوا . * ت * : والصوابُ الأول . وقوله : { فَٱنفُذُواْ } : صيغة أمر ، ومعناه : التعجيز ، و « الشُّوَاظُ » : لَهَبُ النار ؛ قاله ابن عباس وغيره ، قال أبو حَيَّان : الشُّوَاظُ : هو اللهب الخالصُ بغَيْرِ دُخَانٍ ، انتهى ، و « النُّحَاسُ » : هو المعروف ؛ قاله ابن عباس وغيره ، أي : يُذَابُ ويُرْسَلُ عليهما ، ونحوه في البخاريِّ ، قال * ص * : وقال الخليل : « النُّحَاسُ » هنا هو : الدُّخَانُ الذي لا لَهَبَ له ، ونقله أيضاً أبو البقاء وغيره ، انتهى .