Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 14-15)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { يُنَـٰدُونَهُمْ } معناه : ينادي المنافقون المؤمنين : { أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ } : في الدنيا ، فيردّ المؤمنون عليهم : { بَلَىٰ } : كنتم معنا ، ولكن عَرَّضْتُمْ أنفسكم للفتنة ، وهي حُبُّ العاجل والقتال عليه ، قال مجاهد : فتنتم أنفسكم بالنفاق { وَتَرَبَّصْتُمْ } معناه هنا : بإيمانكم فأبطأتم به ، حَتَّى مُتُّم ، وقال قتادة : معناه : تربصتم بِنَا وبمحمد صلى الله عليه وسلم الدوائرَ ، وشككتم ، والارتياب : التشكك ، والأماني التي غرتهم هي قولهم : سَيَهْلَكُ محمد هذا العام ، سَتَهْزِمُهُ قريش ، ستأخذه الأحزاب … إلى غير ذلك من أمانيهم ، وطول الأمل : غرار لكل أحد ، وأمر اللَّه الذي جاء هو : الفتح وظهور الإسلام ، وقيل : هو موتهم على النفاق المُوجِبِ للعذاب ، و { ٱلْغَرُورُ } : الشيطان بإجماع المتأولين ، وينبغي لكل مؤمن أَنْ يعتبر هذه الآيةَ في نفسه ، وتسويفَه في توبته ، واعلم أيها الأخ أَنَّ الدنيا غَرَّارة للمقبلين عليها ، فإنْ أردت الخلاص والفوز بالنجاة ، فازهدْ فيها ، وأقبلْ على ما يعنيك من إصلاح دينك والتزود لآخرتك ، وقد روى ابن المبارك في « رقائقه » عن أبي الدرداء أَنَّهُ قال ـــ يعني لأصحابه ـــ : لَئِنْ حَلَفْتُم لي على رجل منكم أَنَّه أزهدكم ، لأحلفنَّ لكم أنَّه خيركم ، وروى ابن المبارك بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّه قال : " يَبْعَثُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِهِ كَانَا عَلَى سِيرَةٍ وَاحِدَةٍ ، أَحَدُهُمَا مَقْتُورٌ عَلَيْهِ ، وَالآخَرُ مَوَسَّعٌ عَلَيْهِ [ فَيُقْبِلُ المَقْتُورُ عَلَيْهِ ] إلَى الجَنَّةِ ، وَلاَ يَنْثَنِي عَنْهَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى أَبْوَابِهَا ، فَيَقُولُ حَجَبَتُهَا : إلَيْكَ إلَيْكَ ! فَيَقُولُ : إذَنْ لاَ أَرْجِعَ ، قال : وَسَيْفُهُ في عُنُقِهِ فَيَقُولُ : أُعْطِيتُ هٰذَا السَّيْفَ في الدُّنْيَا أُجَاهِدُ بِهِ ، فَلَمْ أَزَلْ مُجَاهِداً بِهِ حَتَّىٰ قُبِضْتُ وَأَنَا عَلَىٰ ذَلِكَ ، فَيَرْمِي بِسَيْفِهِ إلَى الخَزَنَةِ ، وَيَنْطَلِقُ ، لاَ يُثْنُونَهُ وَلاَ يَحْبِسُونَهُ عَنِ الجَنَّةِ ، فَيَدْخُلُهَا ، فَيَمْكُثُ فِيهَا دَهْراً ، ثُمَّ يَمُرُّ بِهِ أَخُوهُ المُوَسَّعُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ لَهُ : يَا فُلاَنُ ، مَا حَبَسَكَ ؟ ! فَيَقُولُ : مَا خُلِّيَ سَبِيلِي إلاَّ الآن ، وَلَقَدْ حُبِسْتُ مَا لَوْ أَنَّ ثَلاَثَمِائَةِ بِعِيرٍ أَكَلَتْ خَمْطاً ، لاَ يَرِدْنَ إلاَّ خِمْساً وَرَدْنَ عَلَىٰ عِرْقِي لَصَدَرْنَ مِنْهُ رِيًّا " انتهى . وقوله تعالى : { فَٱلْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ … } الآية : استمرارٌ في مخاطبة المنافقين ؛ قاله قتادة وغيره . وقوله تعالى : { هِىَ مَوْلَـٰكُمْ } قال المفسرون : معناه : هي أولى بكم ، وهذا تفسير بالمعنى ، وإنَّما هي استعارة ؛ لأَنَّها من حيثُ تَضُمُّهم وتباشِرُهم هي تواليهم وتكون لهم مكانَ المولى ، وهذا نحو قول الشاعر : [ الوافر ]