Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 151-153)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } : هذا أمر من اللَّه عزَّ وجلَّ لنبيِّه ـــ عليه السلام ـــ أنْ يدعو جميع الخَلْق إلى سماع تلاوة ما حَرَّم اللَّه بشَرْع الإسلام المبعوثِ به إلى الأسود والأحمر ، و { مَا } نصبَتْ بقوله : { ٱتْلُ } ، وهي بمعنى « الَّذِي » ، و « أنْ » ، في قوله : { أَلاَّ تُشْرِكُواْ } في موضع رفع ، التقدير : الأمر أنْ ، أو ذَاكَ أنْ ، وقال كعب الأحبار : هذه الآية هي مفتتحُ التوراة : « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ … » إلى آخر الآيات ، وقال ابن عباس : هذه الآيات هي المحْكَمَات المذْكُورة في آل عمران ، ٱجتمعت عليها شرائعُ الخَلْقِ ، ولم تنسخ قطُّ في ملة ، وقد قيل : إنها العَشْر الكلمات المنزَّلة على موسَىٰ ، والإملاق : الفَقْر وعدَمُ المال ؛ قاله ابن عباس وغيره ، قال القُشَيْريُّ : خوفُ الفقر قرينةُ الكفر ، وحُسْنُ الثقةِ بالرَّبِّ سبحانه نتيجةُ الإِيمان . انتهى من « التحبير » . وقوله سبحانه : { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } ، قال مجاهد : { ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } : التجارة فيه ، والأَشُدُّ هنا : الحَزْمُ والنظرُ في الأمور وحُسْنُ التصرُّف فيها ، وليس هذا بالأَشُدِّ المقرونِ بالأربعين ، بل هذا يكون مع صِغَر السِّنِّ في ناسٍ كثيرٍ . وقوله سبحانه : { وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ } : أمر بالاعتدال . وقوله سبحانه : { لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } : يقتضي أن هذه الأوامر إنما هِيَ فيما يقع تَحْتَ قُدْرة البَشَر من التحفُّظ والتحرُّز . وقوله تعالَىٰ : { وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ } : يتضمَّن الشهاداتِ والأحكامَ والتوسُّطَ بيْنَ الناسِ وغيْرَ ذلك ، أي : ولو كان ميل الحقِّ علَىٰ قراباتكم . وقوله سبحانه : { وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ } : الإشارة بـ { هَـٰذَا } هي إلى الشرعِ الذي جَاءَ بِهِ نبيُّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم ، وقال الطبريُّ : الإشارة هي إلى هذه الوصايا التي تقدَّمت مِنْ قوله : { قُلْ تَعَالَوْاْ } ، وقال ابن مسعود : إن اللَّه سبحانه جَعَلَ طريقه صراطاً مستقيماً طرفه محمَّد صلى الله عليه وسلم وشرعه ، ونهايتُه الجنَّة ، وتتشعَّب منه طُرُقٌ ، فمن سَلَك الجادَّة نجا ، ومن خَرَج إلى تلْكَ الطرُقِ أفْضَتْ به إلى النَّار ، وقال أيضاً : خطَّ لنا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْماً خطًّا ، فَقَالَ : " هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ " ثُمَّ خَطَّ عَنْ يَمِينِ ذَلِكَ وَعَنْ شِمَالِهِ خُطُوطاً ، فَقَالَ : " هَذِهِ سُبُلٌ عَلَىٰ كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إلَيْهَا " ، ثم قرأ هذه الآية . قال * ع * : وهذه الآية تعمُّ أهل الأهواء والبِدَع والشُّذُوذ في الفُرُوع وغير ذلك من أهل التعمُّق في الجَدَلِ ، والخَوْضِ في الكلامِ ، هذه كلُّها عُرْضَة للزَّلَل ، ومَظِنَّة السوء المعتقَدِ ، و { لَعَلَّكُمْ } ترجٍّ بحسبنا ، ومن حيث كانَتِ المحرَّمات الأوَلُ لا يقع فيها عاقلٌ قد نظر بعَقْله ، جَاءَتِ العبارةُ : { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } ، والمحرَّمات الأُخَرُ شهواتٌ ، وقد يقع فيها من العقلاءِ مَنْ لم يتذكَّر ، وركوبُ الجادَّة الكاملة يتضمَّن فعل الفضائلِ ، وتلك درجةُ التقوَىٰ .