Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 17-19)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالَىٰ : { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَـٰشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ } . يَمْسَسْكَ : معناه يُصِبْكَ ، ويَنَلْكَ ، والضُّرُّ بضم الضاد : سوء الحَالِ في الجِسْمِ وغيره ، وبفتحها ضِدُّ النَّفْعِ ، ومعنى الآية : الإخْبَارُ أن الأَشْيَاءَ كلها بِيَدِ اللَّه ؛ إن ضَرَّ فلا كَاشِفَ لضره غَيْرُه ، وإن أصَابَ بِخَيْرٍ ، فكذلك أيضاً . وعن ابن عَبَّاسٍ قال : كنت خَلْفَ النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال : " يا غُلاَمُ إنِّي أُعَلِّمَكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللَّهِ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ، وَإذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّه ، وإذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ، واعْلَم أنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ ، لم يَنْفَعُوكَ إلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّه لَكَ ، وإن اجْتَمَعُوا عَلَى أن يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لم يَضُرُّوكَ إلاَّ بِشَيْءٍ قد كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، رفعت الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ " رويناه في الترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح . وفي رواية غير الترمذي زيادة : " احْفَظِ اللَّه تَجِدْهُ أمَامَكَ ، تَعَرَّفْ إلى اللَّهِ في الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ ، واعْلَمْ أن ما أَخْطَأَكَ لم يَكُنْ لِيُصِيبَكَ ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ … " وفي آخره : " واعلم أن النَّصْرَ مع الصَّبْرِ ، وأنّ الفَرَجَ مع الكَرْبِ ، وأن مع العُسْرِ يُسْراً " . قال النووي : هذا حديث عَظِيمُ الموقع . انتهى من « الحِلْيَة » . وقرأت فرقة : « وَأَوْحَى إلَيَّ هذا القُرآن » على بناء الفعل للفاعل ، ونصب « القرآن » ، وفي « أوحى » ضمير يَعُودُ على اللَّه تعالى . وقوله : { لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ } معناه على قول الجمهور : بلاغ القرآن ، أي : لأنْذِرَكُمْ وأُنْذِرَ مَنْ بَلَغَهُ ، ففي « بلغ » ضمير محذوف ؛ لأنه في صلة « من » فحُذِفَ لِطُولِ الكلام . وقالت فرقة : ومن بلغ الحُلُمَ . وروي في معنى التأويل الأَوَّلِ أَحَادِيثُ . وظاهر الآية أنها في عَبَدَةِ الأصنام . وذكر الطبري أنه قد وَرَدَ من وَجْهٍ لم تثبت صحته أنها في قَوْمٍ من اليهود ، قالوا : يا محمد ما تَعْلَمُ مع اللَّه إلهاً غيره ، فقال لهم : « لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ وبِذَلِكَ أُمِرْتُ » فنزلت الآية . واللَّه أعلم . وأمر اللَّه ـــ سبحانه ـــ نَبِيَّهُ ـــ عليه السلام ـــ أن يعلن بالتَّبَرِّي من شَهَادَةِ الكفرة ، والإعلان بالتوحيد للَّه ـــ عز وجل ـــ والتبرِّي من إشراكهم . قال الغزالي في « الإحياء » . وينبغي للتَّالِي أن يقدر أنه المقصود بكل خِطَابٍ في القرآن ، فإن سمع أمراً أو نَهْياً قَدَّرَ المَنْهِيُّ ، والمأمور ، وكذا إن سَمِعَ وَعْداً أو وعيداً ، وكذا ما يَقِفُ عليه من القَصَصِ ، فالمقصود به الاعْتِبَارُ . قال تعالى : { وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ } [ هود : 120 ] . وقال تعالى : { هَـٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لّلْمُتَّقِينَ } [ آل عمران : 138 ] . وقال : { وَأَوْحَيَ إلَيَّ هذا القُرءَانُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ } . قال محمد بن كَعْبٍ القُرظي : من بلغه القرآن فكأنما كَلَّمَهُ اللَّه عز وجل انتهى .