Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 1-2)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالَىٰ : { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَ } . قال علي بن عبد الرحمن اليفرني في شرحه لـ « البرهانية » : قال الإمام الفَخْرُ : لفظ الحمد مُعَرَّفاً لا يُقَالُ إلا في حَقِّ اللَّه عز وجل ؛ لأنه يدلُّ على التعظيم ، ولا يجوز أن يقال : الحمد لِزَيْدٍ . قاله سيبويه . وذكر ابن العَرَبِيِّ في « القانون » عن أنس ؛ أن النبيِ صلى الله عليه وسلم قال : " ما مِنْ شَيْءٍ أَحَبَّ إلى اللَّهِ مِنَ الحَمْدَ ، وأَبْلَغُ الحَمْدِ الحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ " . قال ابن العربي : وفي بعض الآثار : " ما من نِعْمَةٍ عَظْمَتْ إلا والحمد للَّه أعْظَمُ منها " انتهى . قال * ع * : و { جَعَلَ } هاهنا بمعنى : « خلق » ، ولا يجوز غَيْرُ ذلك . قال قتادة ، والسُّدِّيُّ ؛ وجمهور من المفسرين : الظلمات الليل ، والنور النهار . وقالت فرقة : الظُّلمات الكُفْرُ ، والنور الإيمان . قال * ع * : وهذا على جهة التَّشْبِيهِ صحيح ، وعلى ما يفهمه عُبَّادُ الأوثان غير جيد ؛ لأنه إخراج لَفْظ بين في اللغة عن ظاهره الحقيقي إلى بَاطِنٍ لغير ضَرُورَةٍ ، وهذا هو طريق اللُّغْزِ الذي بَرِىءَ القُرْآنُ منه ، والنور أيضاً هنا لِلْجِنْسِ . وقوله تعالى : { ثُمَّ } دالة على قُبْحِ فعل الذين كَفَرُوا ؛ لأن المعنى : أن خلقه السَّمَوَاتِ والأَرْض ، وغيرها الموجبة لحمده ، وتوحيده قد تقرر ، وآياته قد سَطَعَتْ ، وإنعامه بِذَلِكَ على العباد قد تَبَيَّنَ ، فكان الواجب عليهم إخْلاَصَ التوحيد له ، ثم هم بعد هذا كله بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ؛ أي : يُسَوّون ، ويمثلون ، وعدل الشيء قرينه ومَثِيلُهُ . و { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } في هذا المَوْضِعِ كل من عَبَدَ شَيْئاً سوى اللَّه إلا أن السَّابِقَ من حال النبي صلى الله عليه وسلم أن الإشَارَةَ إلى عَبَدَةِ الأوثان من العرب ؛ لمجاورتهم له ، ولفظ الآية أيضاً يشير إلى المَانَوِيَّةِ العابدين للنور ، القائلين : إن الخَيْرَ من فِعْلِ النور ، والشر من فِعْلِ الظلام . وقوله تعالى : { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مّن طِينٍ } فالمعنى : خَلَقَ آدم من طِينٍ . وقوله سبحانه : { ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ } اختلف في هذين الأَجَلَيْنِ ، فقال الحسن بن أبي الحَسَنِ وغيره : { أَجَلاً } أَجَلُ الإنسان من لَدُنْ وِلاَدَتِهِ إلى موته ، والأجل المسمى عنده من وَقْت موته إلى حَشْره ، ووصفه بـ { مُّسمًّى عِندَهُ } ؛ لأنه استأثر ـــ سبحانه ـــ بعِلْمِ وَقْتِ القيامة . وقال ابن عباس : { أَجَلاً } الدنيا ، { وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } الآخرة . وقيل غير هذا . { وتمْتَرُونَ } معناه : تشكون .