Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 80-82)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالَىٰ : { وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونّي فِي ٱللَّهِ } ، أي : أتراجعوني في الحجَّة في توحيد اللَّه ، { وَقَدْ هَدَٰنِ } ، أي : قد أرشدني إلى معرفتِهِ وتوحيده ، { وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ } ، الضميرُ في { بِهِ } يعودُ على { ٱللَّهِ } والمعنى : ولا أخافُ الأصنامُ التي تشركونَهَا باللَّه في الربوبيَّة ، ويحتمل أنْ يعود علَىٰ « ما » ، والتقديرُ : ما تشركون بسَبَبِهِ ، وقوله : { إِلاَّ أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً } : استثناءٌ ليس من الأوَّل ، و { شَيْئاً } : منصوبٌ بـ { يَشَاء } ، ولما كانتْ قوة الكلامِ أنه لا يخَافُ ضرراً ، استثنى مشيئةَ ربِّه تعالَىٰ في أنْ يريده بضُرٍّ ، و { عِلْماً } : نصبٌ على التمييز ، وهو مصدرٌ بمعنى الفاعل ؛ كما تقول العرب : تَصَبَّبَ زَيْدٌ عَرَقاً ، المعنى : تصبَّبَ عَرَقُ زَيْدٍ ؛ فكذلك المعنى هنا وِسَعِ علْمُ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ ، { أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } : توقيفٌ وتنبيه وإظهار لموضعِ التقصيرِ منهم ، وقوله : { وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ … } الآيةَ إلى { تَعْلَمُونَ } ، هي كلُّها من قول إبراهيم ـــ عليه السلام ـــ لقومه ، وهي حجته القاطعة لهم ، والمعنَىٰ : وكيف أخاف أصناماً لا خَطْب لها ، إذ نبذتُها ، ولا تخافُونَ أنتم اللَّهَ عزَّ وجلَّ ، وقد أشركتم به في الربوبيَّة { مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَـٰناً } والسلطانُ : الحُجَّة ، ثم ٱستفهم ؛ علَىٰ جهة التقرير : { فَأَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ } ، مني ومنكم { أَحَقُّ بِٱلأَمْنِ } ، قال أبو حَيَّان : { وَكَيْفَ } : ٱستفهام ، معناه التعجُّب والإنكار . انتهى . وقوله سبحانه : { ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَـٰنَهُمْ بِظُلْمٍ … } الآية ، قال ابنُ إسحاق ، وابنُ زيدٍ ، وغيرهما : هذا قولٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ ابتداء حُكْمٍ فَصْلٍ عامٍّ لِوَقْتِ مُحاجَّة إبراهيم وغيره ، ولكلِّ مؤمن تقدَّم أو تأَخَّر . قال * ع * : هذا هو البيِّن الفصيحُ الذي يرتبطُ به معنى الآية ، ويحسُنُ رصْفها ، وهو خبرٌ من اللَّه عزَّ وجلَّ ، و { يَلْبِسُواْ } : معناه : يَخْلِطُوا ، والظُّلْم ؛ في هذا الموضع : الشِّرْك ؛ تظاهرت بذلك الأحاديثُ الصحيحةُ ، وفي قراءة مجاهدٍ : « وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بِشِرْكٍ » { وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } ، أي : راشدون .