Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 93-93)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ } ، هذه ألفاظٌ عامَّة ، فكل مَنْ واقَعَ شيئاً مما يدخُلُ تحت هذه الألفاظ ، فهو داخلٌ في الظُّلْم الذي قد عَظَّمه اللَّه تعالَىٰ ، وقال قتادةُ وغيره : المرادُ بهذه الآياتِ مُسَيْلِمَةُ ، والأسودُ العَنْسِيُّ . قال عكرمة : أوَّلها في مُسَيْلِمَة ، والآخر في عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ ، وقيل : نزلَتْ في النَّضْرِ بنِ الحارِثِ ، وبالجملة فالآيةُ تتناولُ مَنْ تعرَّض شيئاً من معانيها إلَىٰ يوم القيامةِ ؛ كَطُلَيْحَةَ الأَسَدِيِّ ، والمُخْتَارِ بنِ أبِي عُبَيْدٍ وسواهما . وقوله تعالى : { وَلَوْ تَرَى إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ … } الآية : جوابُ « لو » محذوفٌ ، تقديره : « لَرَأَيْتَ عَجَباً أو هَوْلاً ، ونحْوُ هذا ، وحَدْفُ هذا الجواب أبلغُ في نفس السامعِ ، و { ٱلظَّـٰلِمُونَ } لفظٌ عامٌّ في أنواعِ الظلمِ الذي هو كُفْر ، و « الغَمَرَاتُ » : جمع غَمْرةٍ ، وهي المُصِيبة المُذْهِلة ، وهي مشبَّهة بغمرة الماء ، والملائكة ، يريد : ملائكةَ قَبْضِ الرُّوحِ ، و { بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ } : كنايةٌ عن مدِّها بالمكروهِ ، وهذا المكروهُ هو لا مَحَالة أوائلُ العذابِ ، وأماراته ، قال ابنُ عبَّاس : يَضْرِبُون وجوههم وأدبارهم ، وقوله : { أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ } : حكايةٌ لما تقولُه الملائكة ، والتقدير : يقولون لهم : أخرجوا أنْفُسَكم ، وذلك على جهةِ الإهانة ، وإدْخَال الرعْبِ عليهم ، ويحتملُ : أخرجوا أنفسكُمْ مِنْ هذه المصائبِ والمحنِ ، إنْ كان ما زعمتموه حقًّا في الدنيا ، وفي ذلك توبيخٌ وتوقيفٌ على سالف فعلهم القبيحِ ، قلت : والتأويل الأولُ هو الصحيحُ ، وقد أسند أبو عمر في « التمهيد » ، عن ابن وَضَّاحٍ ، قال : حدَّثنا أبو بكرِ بْنُ أبي شَيْبة ، ثم ذَكَر سنده ، عن أبي هريرة ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " المَيِّتُ تَحْضُرُهُ المَلاَئِكَةُ ، فَإذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ ، قَالَتِ : ٱخْرُجِي ، أيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةِ كَانَتْ فِي الجَسَدِ الطَّيِّبِ ، ٱخْرُجُي حَمِيدَةً ، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانٍ ، قَالَ : فَلاَ تَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ، ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إلَى السَّمَاءِ ، فَيُفْتَحُ لَهَا ، فَيُقَالُ : مَنْ هَذَا ؟ فَيَقُولُون : فُلاَنٌ ، فَيُقَالُ : مَرْحَباً بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ ، كَانَتْ فِي الجَسَدِ الطَّيِّبِ ، ٱدْخُلِي حَمِيدَةً ، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ . ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَان ، فَلاَ تَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّىٰ يَنْتَهِيَ بِهَا إلَى السَّمَاءِ ، يَعْنِي : السَّابِعَةَ ، وَإذَا كَانَ الرُّجُلُ السُّوءُ ، وَحَضَرَتْهُ المَلاَئِكَةُ عِنْدَ مَوْتِهِ ، قالَتِ : ٱخْرُجِي ، أيَّتُهَا النَّفْسُ الخَبِيثَةُ ، كَانَتْ فِي الجَسَدِ الخَبِيثِ ، ٱخْرُجِي ذَمِيمَةً ، وَأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ وَغَسَّاقٍ ، وآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٍ ، فَلاَ تَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّىٰ تَخْرُجَ … " وذكر الحديثَ . انتهى ، و { ٱلْهُونِ } : الهَوَان . وقوله تعالى : { بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ … } الآية : لفظ عامٌّ لأنواع الكفر ، ولكنه يظهر منه الإنحاءُ علَىٰ مَنْ قَرُب ذِكْرُه .