Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 61, Ayat: 4-9)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِهِ … } الآية ، قال معاذ بن جبل : سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول : " مَنْ قَاتَلَ في سَبِيلِ اللَّهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ فَقَدْ وَجَبَتْ له الجنة ، وَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ القَتْلَ مِنْ نَفْسِهِ صَادِقاً ، ثُمَّ مَاتَ أوْ قُتِلَ فَإنَّ لَهُ أجْرَ شَهِيدٍ " ، مختصر رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ، واللفظ لأبي داود ، وقال الترمذي : هَذَا حديثٌ صحيحٌ انتهى من « السلاح » ، ثُمَّ ذَكَرَ تعالى مقَالَةَ مُوسَى ، وذلك ضربُ مَثَلٍ للمؤمنينَ ؛ ليحذَرُوا مَا وَقَعَ فيه هؤلاء من العصيانِ وقولِ الباطل . وقوله : { لِمَ تُؤْذُونَنِى } أي : بتعنيتِكم وعصيانِكم واقْتِرَاحَاتِكُم ، وأسْنَدَ الزيغَ إليهم ؛ لكونهِ فعلَ حطيطَةٍ ، وهذا بخلافِ قوله تعالى : { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ } [ التوبة : 118 ] فَأَسْنَدَ التَّوْبَةَ إليه سبحانَه ؛ لِكَوْنِهَا فعلَ رِفْعَةٍ ، و « زاغ » معناه مَالَ وصَارَ عُرْفُهَا في الميلِ عن الحق ، و { أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ } معناه طَبَعَ عليْهَا وكثُرَ مَيْلُها عنِ الحقِّ ؛ وهذهِ هي العُقُوبَةُ عَلَى الذَّنْبِ بِالذَّنْبِ . وقوله : { وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِى مِن بَعْدِى ٱسْمُهُ أَحْمَدُ } قال عياض في « الشفا » : سَمَّى اللَّه تعالى نبيَّه في كتابه محمداً وأحمدَ ؛ فأما ٱسمه أحمد ، فـ « أَفْعَلُ » مبالغةً من صفةِ الحَمْدِ ، ومُحَمَّد « مُفَعَّل » من كثرةِ الحمدِ ، وسمى أمَّته في كتب أنبيائِه بالحمَّادينَ ؛ ثم في هذين الاسمين من عجائب خصائصِه سبحانه وبدائع آياته ؛ أنه سبحانه حَمَى أن يتسمَّى بهما أَحَدٌ قَبْلَ زمانِه ، أما أحمد الذي أتى في الكتب وبشَّرَتْ به الأنبياء ؛ فمنع سبحانه أن يَتَسَمَّى به أحد غيرُه ؛ حتى لا يدخلَ بذلكَ لَبْسٌ عَلى ضعيفِ القلبِ ؛ وكذلك محمَّد أيضاً لم يَتَسَمَّ به أحد من العرب ولا غيرهم إلى أن شَاعَ قبيلَ وجودِه صلى الله عليه وسلم وميلادِه أَنَّ نبيًّا يبعثُ اسمهُ محمد ؛ فسمَّى قومٌ قليلٌ من العرب أبناءَهم بذلك ؛ رجاءَ أَنْ يكونَ أحدُهم هو ، وهُم محمد بن أحيحة الأوسي ، ومحمد بن مسلمة الأنصاري ، ومحمد بن براء البكري ، ومحمد بن سفيان باليمن ، ويقولون : بل محمد بن اليحمد من الأزد ، ومحمد بن سوادة منهم ؛ لا سابعَ لهم ، ولم يَدَّعِ أحد من هؤلاء النبوَّة أو يظهرْ عليْهِ سببٌ يشكِّكُ الناس ، انتهى ، وروى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّه قَالَ : " لاَ تُسَمُّوا أَوْلاَدَكُمْ مُحَمَّداً ثُمَّ تَلْعَنُونَهُمْ " ، رواه الحاكم في « المستدركِ » ، انتهى من « السلاح » . وقوله سبحانه : { فَلَمَّا جَاءَهُم بِٱلْبَيِّنَـٰتِ … } الآية : يحتملُ أن يريدَ « عيسى » ويحتملُ أن يريدَ محمداً صلى الله عليه وسلم لأنه تقدَّمَ ذكرُه ، * ت * : والأول أظهر .