Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 63, Ayat: 9-11)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوٰلُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ … } الآية ، الإلهاءُ : الاشْتِغَالُ بِمَلَذ وَشَهْوَةٍ ، وذكرُ اللَّه هنا عامٌّ في الصلوات ، والتوحيدِ ، والدعاء ، وغيرِ ذلكَ مِنْ مَفْرُوضٍ ، ومنْدُوبٍ ، وكذلك قوله تعالى : { وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَـٰكُمْ } عامٌّ من المفرُوضِ والمندوبِ ؛ قاله جماعة من المفسرينَ ، قال الشيخ أبو عبد الرحمٰن السلمي في كتاب « عيوب النفس » : وَمِنْ عيوبِها تضييعُ أوقاتِها بالاشْتِغَالِ بما لا يَعْنِي مِنْ أُمورِ الدُّنْيا ، والخَوْضِ فيها مَعَ أهلِها ، ومُدَاوَاتُها أنْ يَعْلَمَ أنَّ وَقْتَه أعزُّ الأشياءِ فَيَشْغَلَه بِأَعَزّ الأَشْيَاءِ ، وهو ذِكْرُ اللَّهِ ، والمُدَاوَمَةُ على الطاعةِ ومطالبةُ الإخْلاَصِ من نفسهِ ؛ فإنَّه رُوِيَ عنِ النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال : " مِنْ حُسْنِ إسْلاَمِ المَرْءِ تَرْكُه مَالاَ يَعْنِيهِ " وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مَنْصُورٍ : عَلَيْكَ بنفسِكَ فَإنْ لَمْ تَشْغَلْها شَغَلَتْكَ ، انتهى . وقولهُ : { لَوْلا أَخَّرْتَنِى إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } طَلَبٌ لِلْكَرَّةِ والإمهَالِ ، وسَمَّاه قَرِيباً لأنّه آتٍ ، وأيْضاً فإنَّما يتمنى ذلك لِيقْضِيَ فيه العملَ الصالحَ فَقَطْ وليس يتَّسِعُ الأَمَلُ حينئذٍ لِطَلَبِ العَيْشِ ونضرته . وقوله : { وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } ظاهرَه العمُومُ ، وقال ابن عباس : هو الحج وَرَوَى الترمذيُّ عنه أنَّه قال : مَا مِنْ رَجُلٍ لاَ يُؤَدِّي الزَّكَاةَ وَلاَ يَحُجُّ إلاَّ طَلَبَ الْكَرَّةَ عِنْدَ مَوْتِهِ ، قَال الثعلبيُّ : قَال ابن عباس : { إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } يريدُ مِثْلَ آجالِنَا في الدنيا ، انتهى ، وقرأ أبو عمرو : « وَأَكُونَ » ، وفي قوله تعالى : { وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا } حَضٌّ عَلَى المُبَادَرَةِ ومُسَابَقَةِ الأَجَلِ بالعملِ الصالحِ .