Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 68, Ayat: 44-52)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { فَذَرْنِى وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ } الآية ، وَعِيدٌ وتهديدٌ والحديثُ المشَارُ إليه هو القرآن ، وباقي الآية بيّن مِمّا ذُكِرَ في غير هذا الموضع ، ثم أمَرَ اللَّه ـــ تعالى ـــ نبيَّه بالصَّبْرِ لِحُكْمِهِ وأنْ يَمْضِيَ لِمَا أُمِرَ بهِ من التبليغِ واحْتِمالِ الأذَى والمشقة ، ونُهِيَ عَنِ الضَّجَرِ والعَجَلَةِ التي وَقَعَ فيها يونُسَ صلى الله عليه وسلم ثم اقْتَضَبَ القصَّةَ وذَكَرَ ما وَقَعَ في آخرها من ندائِه من بطن الحوت ، { وَهُوَ مَكْظُومٌ } أي : وَهُو كَاظِمٌ لحُزْنِه ونَدَمِه ، وقال الثعلبيّ ، ونحوُه في البخاري : { وَهُوَ مَكْظُومٌ } أي : مملوءٌ غَمًّا وكَرْبَاً ، انتهى وهُوَ أقْرَبُ إلى المعنى ، وقال النَّقَّاشُ : المكظومُ الذي أُخِذَ بِكَظْمِه ، وهي مَجَارِي القلبِ ، وقرأ ابن مسعود وغيره : « لَوْلاَ أَنْ تَدَارَكَتْهُ نِعْمَةُ » والنعمة التي تداركته هي الصَّفْحُ والاجتباء الذي سَبَقَ له عَنْدَ اللَّهِ ـــ عز وجل ـــ { لَنُبِذَ بِٱلْعَرَاءِ } أي : لَطُرِحَ بالعرَاءِ وهُوَ الفَضَاءُ الَّذِي لاَ يُوارِي فيه جَبَلٌ ولاَ شَجَرٌ وَقَدْ نُبِذَ يونس ـــ عليه السلام ـــ بالعَرَاءِ وَلَكِنْ غَيْر مَذْمُومٍ ، وجاء في الحديث عن أسماء بِنْتِ عُمَيْسٍ قالَتْ : " عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ عِنْدَ الكَرْبِ أَوْ في الكَرْبِ ، اللَّهُ اللَّهُ رَبِّي لاَ أَشْرِكُ بِه شَيْئاً " رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه ، وأخرجَهُ الطبرانيُّ في كتاب « الدعاء » ، انتهى من « السلاح » ، ثم قال تعالى لنبيه : { وَإِن يَكَادُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَـٰرِهِمْ } المعنى يكادُوْنَ مِنَ الغَيْظِ والعداوةِ يُزْلِقُونَه فَيُذْهِبُونَ قدمَه مِنْ مَكَانِها ، ويُسْقِطُونَه ، قال عياض : وقَدْ رُوِيَ عن ابن عباس أنه قال : كلُّ مَا في القرآن : « كاد » فَهُو مَا لاَ يَكُونُ ، قال تعالى : { يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِٱلأَبْصَـٰرِ } [ النور : 43 ] وَلَمْ يُذْهِبْهَا و { أَكَادُ أُخْفِيهَا } [ طه : 15 ] وَلَمْ يَفْعَلْ ، انتهى ؛ ذكره إثرَ قَوْلِه تعالى : { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } [ الإسراء : 73 ] . وقرأ الجمهور : « لَيُزْلِقُونَكَ » ـــ بِضَمِّ اليَاءِ ـــ مِنْ : أزْلَقَ ، ونَافِعٌ بِفَتْحِها ، من : زُلِقَتِ الرّجْلُ ، وفي هذا المعنى قولُ الشاعر : [ الكامل ] @ يَتَقَارَضُونَ إذَا ٱلْتَقَوْا في مَجْلِس نَظَراً يَزِلُّ مَوَاطِىءَ الأَقْدَامِ @@ وَذَهَبَ قَوْمٌ من المفسرينَ على أن المعنى : يأخذونَك بالعَيْنِ ، وقال الحسَنُ : دَوَاءُ مَنْ أَصَابَتْهُ العينُ أن يقرأَ هذهِ الآيةَ ، والذِّكْرُ في الآيةِ : القرآنُ .