Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 33-43)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { كَذَلِكَ ٱلْعَذَابُ } أي : كَفِعْلِنَا بأهْلِ الجنةِ نَفْعَلُ بِمَنْ تعدَّى حدودَنا . { وَلَعَذَابُ ٱلأَخِرَةِ أَكْبَرُ } أي : أعْظَم مما أصَابَهُمْ ، إنْ لَمْ يَتُوبُوا في الدنيا . ثم أخْبَر تعالى بـ { إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ } فَرُوِيَ أنه لما نزلت هذه الآيةُ قَالَتْ قريشٌ : إنْ كَانَ ثَمَّ جَنَّاتِ نعيمٍ فَلَنَا فِيها أكْبَرُ الحَظِّ ، فنزلتْ { أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ } الآية ؛ تَوْبِيخاً لهم . { أَمْ لَكُمْ كِتَـٰبٌ } مُنَزَّلٌ من عندِ اللَّهِ تَدْرُسُونَ فيه أنَّ لَكُمْ مَا تَخْتَارُونَ مِنَ النعيمِ ، فـ { إِنَّ } معمولة لـ { تَدْرُسُونَ } وكُسِرَتِ الهمزَةُ مِنْ { إِنَّ } لدخولِ اللامِ في الخبرِ ، وهي في معنى ( أن ) ـــ بفتح الألِف ـــ وقرىء شاذاً : « أنَّ لَكُمْ » بالفتح ، وقرأ الأعرج : « أنّ لَكُمْ فِيهِ » على الاستفهام ، ثم خَاطَب تعالى الكفارَ بقولهِ : { أَمْ لَكُمْ أَيْمَـٰنٌ عَلَيْنَا بَـٰلِغَةٌ } كأنه يقُولُ هل أقْسَمْنَا لكم قَسَماً فهو عَهْدٌ لكم بأنَّا نُنَعِّمُكُمْ في يومِ القيامة ، وما بعدَه ، وقرأ الأعرج : « آن لكم لما تحكمون » على الاستفهامِ ، أيضاً . { سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذٰلِكَ زَعِيمٌ } أي : ضَامِنٌ * ت * : قال الهروي : وقوله : { أَيْمَـٰنٌ عَلَيْنَا بَـٰلِغَةٌ } أي مُؤكَّدَة ، انتهى . وقوله تعالى : { فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَائِهِمْ } قيل : هو استدعاءٌ وتوقيفٌ في الدنيا ، أي : لِيُحْضِرُوهُم حَتَّى يُرَى هلْ هُمْ بحالِ مَنْ يَضُرُّ وينفعُ أم لا ؟ وقيلَ : هو استدعاءٌ وتوقيف على أن يأتوا بهم يومَ القيامةِ { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } وقرأ ابن عباس : « تُكْشَفُ » ـــ بضم التاء ـــ على مَعْنَى : تُكْشَفُ القيامةُ والشدةُ والحالُ الحاضرة ، وقرأ ابن عباس أيضاً : « تَكْشِفُ » ـــ بفتح التاء ـــ على أنَّ القيامةَ هي الكاشِفَةُ ، وهذه القراءة مفسِّرَة لقراءَةِ الجماعةِ ، فما وَرَدَ في الحديثِ والآيةِ مِنْ كَشْفِ الساقِ فهو عبارة عَنْ شدةِ الهول . وقوله ـــ جلت عظمته ـــ : { وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } وفي الحديثِ الصحيحِ : " فَيَخِرُّونَ للَّهِ سُجّداً أجْمَعونَ ولا يبقى أحَدٌ كَانَ يسجدُ في الدنيا رياءً ولا سمعةً ولاَ نِفَاقاً إلا صَارَ ظهرُهُ طَبَقاً وَاحِداً ؛ كُلَّما أرَادَ أنْ يَسْجُدَ خَرَّ على قفاه " ، الحديثَ ، وفي الحديثِ : " فَيَسْجُدُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ، وَتَرْجِعُ أصْلاَبُ المُنَافِقِينَ والكُفَّارِ ، كَصَيَاصِي البَقَرِ ، عَظْماً وَاحِداً ؛ فَلا يَسْتَطِيعُونَ سُجُودًا " الحديث . وقوله تعالى : { وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ } يريد في دَارِ الدنيا ، { وَهُمْ سَـٰلِمُونَ } مما نالَ عَظَامَ ظهورِهم مِنَ الاتِّصَال والعُتُوِّ .