Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 8-11)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ } يعني : قريشاً ، وذلك أنهم قَالُوا في بعضِ الأوْقَاتِ للنبي صلى الله عليه وسلم : لَوْ عَبَدْتَ آلهتَنَا وعَظَّمْتَها لَعَبَدْنَا إلٰهك وعظمناه ، وَوَدُّوا أنْ يُدَاهِنَهم النبي صلى الله عليه وسلم ويميلَ إلى مَا قالوا ، فَيمِيلُوا هُمْ أيضاً إلى قَولهِ ودِينِهِ ، والإدْهَانُ الملايَنَةُ فيما لاَ يَحِلُّ ، والمُدَارَاةُ الملاينة فيما يحل . وقوله : { فَيُدْهِنُونَ } معطوفٌ وليس بجَوابٍ ، لأنَّه لَوْ كَانَ لَنُصِبَ ، والحلاّفُ المردِّد لِحَلفِهِ الذي قد كثرَ منه ، والمُهينُ الضَّعِيفُ الرأيِ ، والعَقْلِ ؛ قاله مجاهد ، وقال ابن عباس : المهينُ الكذَّابُ ، والهمَّازُ الذي يَقَعُ في النّاسِ بلسَانِه ، قال منذر بن سعيد : وبعَيْنِهِ وإشارَتِه ، والنَّمِيمُ مَصْدَرٌ كالنَّمِيمَةِ ، وهو نَقْلَ مَا يَسْمَعُ مما يسوءُ ويُحَرِّشُ النفوسَ ، قال أبو عمر بن عبد البر في كتابهِ المسمَّى بـ « بهجةِ المجالس » قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مَنْ كَفَّ عَنْ أعْرَاضِ المُسْلِمِينَ لِسَانَه ؛ أقَالَه اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَثَرَتَه " ، وقال ـــ عليه الصَّلاةُ والسَّلام ـــ : " شِرَارُكُمْ أيُّهَا النَّاسُ المشَّاؤُونَ بالنَّمِيمَةِ ، المُفَرِّقُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ ، البَاغُونَ لأَهْلِ البِرِّ العَثَرَاتِ " انتهى ، ورَوَى حذيفةُ أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ " ، وهو النَّمَّامُ ، وذَهَبَ كثيرٌ مِنَ المفسِّرِينَ إلى أنَّ هذهِ الأوْصَافَ هي أجْنَاس لَمْ يُرَدْ بها رجلٌ بعينهِ ، وقالت طائفة : بَلْ نزلت في معيَّنٍ ، واختلفوا فيه ، فقال بعضهم : هو الوليدُ بن المغيرةِ ، وقيل هو : الأخْنَسُ بن شريق ، ويؤيد ذلكَ أنه كانَتْ له زَنَمَةٌ في حَلْقِه كَزَنَمَةِ الشَّاةِ ، وأيضاً فكانَ من ثَقِيفٍ مُلْصَقاً في قُرَيْشٍ ، وقيل : هو أبو جهلٍ ، وقيل : هو الأسودُ بن عَبْدِ يَغُوثَ ، قال * ع * : وظاهرُ اللفظ عمومُ مَنِ اتَّصَفَ بهذهِ الصفاتِ ، والمخاطبَةُ بهذا المعنى مستمرة بَاقِيَ الزَّمانِ ، لا سيما لِوُلاَةِ الأُمور .