Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 109-116)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله عز وجل : { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَـٰحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } لا محالةَ أنهم خافوا أمْرَ موسَىٰ ، وجالَتْ ظنونهم كُلَّ مجالٍ ، وقوله : { فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } الظاهرُ أنه من كلام المَلإ بعضِهِمْ لبعض ، وقيل : إنه من كلام فرعونَ لهم ، وَرَوى كَرْدم عَنْ نافعٍ : { تَأْمُرُون } بكسر النون وكذلك في « الشعراء » [ الشعراء : 35 ] . و « ما » : استفهامُ ، و « ذَا » : بمعنى الَّذي ، فهما ابتداءٌ وخبرٌ ، وفي « تأمرون » : ضميرٌ عائدٌ على الذي ، تقديرُهُ : تَأْمُرونَ به ، ويجوز أنْ تجعل « مَاذَا » بمنزلةِ اسم واحدٍ في موضع نصب بـــ « تأمرون » ولا يضمر فيه ؛ على هذا ، وقوله : { قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَائِنِ حَـٰشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَـٰحِرٍ عَلِيمٍ } أشار المَلأُ على فرعونَ بأن يؤخِّر موسَىٰ وهارون ، وَيَدَعَ النظر في أمرهما ، وَيَجْمَعَ السحرةَ ، وحكَى النَّقَّاش ؛ أنه لم يكن يجالسُ فرعونَ وَلَدُ غِيَّةٍ ، وإنما كانوا أشرافاً ؛ ولذلك أشاروا بالإِرجاء ، ولم يشيروا بالقَتْل ، وقالوا : إنْ قتلته ، دخلَتْ على الناسِ شُبْهَةٌ ، ولكنِ ٱغلبْهُ بِٱلحُجْة . وقوله سبحانه : { وَجَاءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْواْ إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَـٰلِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } : « الأَجر » هنا : الأجْرَةُ . واختلف الناسُ في عدد السَّحَرة على أقوالٍ كثيرةٍ ليس لها سَنَدٌ يوقَفُ عنده ، والحاصلُ من ذلك أنهم جَمْعٌ عظيمٌ ، وقوله تعالى : { قَالُواْ يَٰمُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ ٱلْمُلْقِينَ * قَالَ أَلْقَوْاْ فَلَمَّا أَلْقُوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ } ، وخيَّر السحرةُ موسىٰ في أن يتقدَّم في الإِلقاء أو يتأخَّر ، وهذا فعْلُ المُدِلِّ الواثقِ بِنَفْسِهِ ، والظاهرُ أنَّ التقدُّم في التخْييلاتِ وَالمَخَارِيقِ أنْجَحُ ؛ لأنَّ بديهتها تمضِي بالنفُوس ، فليظهر اللَّه أمر نبوَّة موسَى ، قَوَّىٰ نفسه ويقينه ، وِوَثقَ بالحَقِّ ، فأعطاهم التقدُّم ، فَنَشَطُوا وَسُرُّوا حتَّى أظهر اللَّه الحَق ، وأَبطَلَ سعيهم ، وقوله سبحانه : { سَحَرُواْ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ } : نصٌّ في أن لهم فِعْلاً ما زائداً على ما يُحْدِثُونه من التزْوِيقِ ، { وَٱسْتَرْهَبُوهُمْ } بمعنى : أرهبوهم ، أي : فزَّعوهم ، ووصف اللَّه سبحانه سِحْرَهُمْ بـــ « العَظِيم » ، ومعنى ذلك مِنْ كثرته ، ورُوِي أنهم جَلَبُوا ثَلاَثِمَائَةٍ وَسِتِّينَ بعيراً موقُورَةً بالْحِبَالِ ، والعِصِيِّ ، فلما أَلْقَوْهَا ، تحرَّكت ، ومَلأَت الوادِيَ ، يركَبُ بعضُها بعضاً فٱستهْوَلَ النَّاس ذلك ، واسترْهَبَهم ، قال الزَّجَّاج : قيل : إنهم جعلوا فيهم الزِّئْبَقَ ، فكانَتْ لا تستقرُّ .