Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 120-127)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { وَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَـٰجِدِينَ * قَالُواْ ءَامَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ * رَبِّ مُوسَىٰ وَهَـٰرُونَ * قَالَ فِرْعَوْنُ ءَامَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ ءاذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَـٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي ٱلْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ } ، لما رأَى السحرةُ مِنْ عظيم القُدْرة ماتيقَّنوا به نبوَّة موسَىٰ ، آمنوا بقلوبهم ، وٱنْضَافَ إِلى ذلك ٱلاستهوالُ وٱلاستعظامُ والفَزَعُ مِنْ قدرة اللَّه عزَّ وجَلَّ ، فخرُّوا للَّه سبحانه مُتَطَارِحِينَ قائلين بألسِنَتِهِمْ : { آمَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ * رَبِّ مُوسَىٰ وَهَـٰرُونَ } . قال * ع * : وهارونُ أخو موسَىٰ أسَنُّ منه بثلاثِ سِنِينَ ، وقولُ فرعون : { آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ } : دليلٌ عَلى وَهَنِهِ ، وضَعْف أمره ؛ لأنه إِنما جعل ذَنْبَهُمْ عَدَمَ إِذنه ، والضميرُ في « به » يحتمل أن يعود على ٱسْمِ اللَّه سبحانه ، ويحتملُ أنْ يعود على موسَىٰ عليه السلام ، وعنَّفهم فرعونُ على الإِيمان قبل إِذْنِهِ ، ثم ألزمهم أنَّ هذا كان عن اتفاق منهم ، وروي في ذلك عن ابن عباس ، وابن مسعود ، أن موسَىٰ ٱجْتَمَعَ مع رَئِيس السَّحَرة ، واسْمُهُ شَمْعُونُ ، فقال له موسَىٰ : أَرَأَيْتَ إِنْ غَلَبْتُكُمْ ؛ أتؤمنُونَ بي ، فقالَ : نَعَمْ ، فَعَلِمَ بذلك فرعونُ ؛ فلهذا قال : إِن هذا لمكْرٌ مكَرْتُمُوه في المدينة ، ثم توعَّدهم . وقوله سبحانه : { قَالُواْ إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ * وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِـآيَـٰتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا … } الآية : هذا استسلامٌ مِنْ مؤمني السَّحرة ، واتكالٌ على اللَّه سبحانه ، وثقةٌ بما عنده ، وقرأ الجمهور : « تنْقِمُ » ـــ بكسر القاف ـــ ، ومعناه : وما تَعُدّ علينا ذنباً تؤاخذُنا به إِلاَّ أنْ آمنا ، قال ابنُ عبَّاس وغيره فيهم : أَصْبَحُوا سَحَرَةً ، وَأَمْسَوْا شُهَدَاءَ ، قال ابن عباسٍ : لما آمنت السحرةُ ٱتَّبَعَ موسَىٰ سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ من بني إِسرائيل ، وقولُ ملإِ فرعونَ : { أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ … } الآية : مقالةٌ تتضمَّن إِغراء فرعون وتحريضَهُ ، وقولُهم : { وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ } ، رُويَ أن فرعون كان في زمنه للناس آلهةٌ مِنْ بقرٍ ، وأصنامٍ ، وغير ذلك ، وكان فرعونُ قَدْ شَرَع ذلك ، وَجَعل نَفْسَه الإِلٰه الأَعلَى فقوله على هذا { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [ النازعات : 24 ] إنما يريدُ : بالنَّسْبة إِلى تلك المعبودات . وقيل : إِن فرعون كان يعبد حَجَراً يعلِّقه في صَدْره . كأنه ياقوتَةٌ أو نحوها ، وعن الحسنِ نحوه ، وقوله : { سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ } ، المعنى : سنستمرُّ عَلى ما كنا عليه مِنْ تعذيبهم ، وقوله : { وَإِنَّا فَوْقَهُمْ } ، يريد : في المنزلة ، والتمكُّن من الدنيا ، و { قَـٰهِرُونَ } : يقتضي تحقير أمرهم ، أي : هم أقلُّ من أن يُهتمَّ بهم . قلت : وهذا من عَدُوِّ الله تجلُّدٌ ، وإِلاَّ فقد قال فيما أخبر الله سبحانه به عنه : { إِنَّ هَـؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَـٰذِرُونَ } [ الشعراء : 54 ، 55 ، 56 ]