Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 152-155)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } ، وقد وقع ذلك النَّيْلُ بهم في عَهْدِ موسَىٰ عليه السلام ، فالغضبُ والذِّلَّة هو أمرهم بقَتْل أنفسهم ، وقال بعض المفسِّرين : الذِّلَّة : الجِزْيَة ، ووَجْه هذا القول أن الغضب والذِّلَّة بقيتْ في عَقِبِ هؤلاء ، وقال ابن جُرَيْج : الإِشارةُ إِلَىٰ من مات من عَبَدة العجْل قبل التوبة بقَتْل الأنْفُس ، وإِلى مَنْ فَرَّ ، فلم يكُنْ حاضراً وقت القَتْلِ ، والغَضَبُ من اللَّه عزَّ وجلَّ ، إِن أخذ بمعنى الإِرادة ، فهو صفةُ ذات ، وإِن أُخِذ بمعنى العقوبةِ وإِحلالِ النِّقْمة ، فهو صفةُ فِعْلٍ ، وقوله : { وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُفْتَرِينَ } ، المرادُ أَولاً أولئك الَّذين افتَرْوا عَلَى اللَّه سبحانَهُ في عبَادة العِجْل ، وتكونُ قوَّة اللفظ تَعُمُّ كُلَّ مفترٍ إلى يوم القيامة ، وقد قال سفيان بن عُيَيْنَة وأبو قِلاَبة وغيرهما : كلُّ صاحب بدعة أو فِرْيَة ، ذليلٌ ؛ وٱستدلوا بالآية . وقوله سبحانه : { وَٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ … } الآية تضمَّنت وعداً بأن اللَّه سبحانه يغفرُ للتائبين ؛ وقرأ معاوية بنُ قُرَّة « وَلَمَّا سَكَنَ عَنْ مُوسَى الغَضَبُ » . قال أبو حَيَّان : واللام في { لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ } مُقَوِّية لوصولِ الفعْلِ ، وهو { يَرْهَبُونَ } إلى مفعوله المتقدِّم . وقال الكوفيُّون : زائدةٌ . وقال الأخفشُ : لام المفعول له ، أي : لأجْلِ ربِّهم . انتهى . قلْتُ : قال ابنُ هِشَامٍ في « المُغْني » ولام التقْويَةِ هي المَزِيدَةُ لتقويةٍ عاملٍ ضَعُفَ ؛ إِما لتأخيرٍ ؛ نحو : { لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ } ، و { إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ } [ يوسف : 43 ] أو لكَوْنِهِ فرعاً في العمل ؛ نحو : { مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ } [ البقرة : 91 ] { فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } [ البروج : 16 ] ، وقد ٱجتمع التأخيرُ والفرعيةُ في : { وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَـٰهِدِينَ } [ الأنبياء : 78 ] . انتهى . وقوله : { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ … } الآية : قال الفَخْرُ : قال جماعة النحوِّيين : معناه : وٱختارَ موسَىٰ مِنْ قومه ، فحذف « مِنْ » ، يقال : ٱخترْتُ مِنَ الرجالِ زيْداً ، واخترْتُ الرجالَ زَيْداً . انتهى . قال * ع * : معنى هذه الآية أَن موسىٰ عليه السلام اختار مِنْ قومه هذه العِدَّة ؛ لَيَذْهَبَ بهم إِلى مَوْضِعِ عبادةٍ وابتهالٍ ودعاءٍ ، فيكون منه ومنهم ٱعتذارٌ إِلى اللَّه سبحانه مِنْ خطإِ بني إِسرائيل في عبادةِ العِجْلِ ، وقد تقدَّم في « سورة البقرة » [ البقرة : 51 ] قصصهم ، قالتْ فرقة من العلماء : إِنَّ موسَىٰ عليه السلام لمَّا أعلمه اللَّه سبحانه بعبادة بني إِسرائيل العِجْلَ ، وبصفته ، قالَ موسَىٰ : أيْ ربِّ ، ومَنْ اختاره ؟ قَالَ : أنا ، قال موسَىٰ : فأنْتَ ، يا ربِّ ، أضْلَلْتهُمْ ، { إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ } أيْ : إِنَّ الأمور بيدك تفْعلُ ما تريدُ .