Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 44-46)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَنَادَى أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَـٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً … } الآية . هذا النداء من أهل الجنة لأهل النار تَقْرِيعٌ ، وتوبيخ ، وزيادة في الكَرْبِ ، وهو بأن يشرفوا عليهم ، ويخلق الإدراك في الأسماع والإبصار . وقوله سبحانه : { فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ } أي : أعلم معلم ، والظالمون هنا هم الكافرون . * ت * : حكي عن غير وَاحِدٍ أن طاوس دخل على هشام بن عبد الملِكِ فقال له : اتّقِ لله ، واحْذَرْ يوم الأذان ، فقال : وما يوم الأذان ؟ فقال قوله تعالى : { فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ } فصعق هشام ، فقال طاوس : هذا ذُلُّ الوَصْفِ ، فكيف ذل المُعَايَنَةِ انتهى . { وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً } أي : يطلبونها ، أو يطلبون لها ، والضمير في { يَبْغُونَهَا } عائد على السَّبيل . وقوله سبحانه : { وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَـٰهُمْ } . { وَبَيْنَهُمَا } : أي : بين الجنة والنار ، ويحتمل بين الجَمْعَيْنِ ، والحِجَابُ هو السور الذي ذكره اللَّه عز وجل في قوله : { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ } [ الحديد : 13 ] . قال ابن عباس ، وقال مجاهد : الأعراف حجاب بين الجنة والنار . وقال ابن عباس أيضاً : هو تَلٌّ بين الجنة والنار . وذكر الزَّهْرَاوِيُّ حديثاً أَن رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال : " إن أُحُداً جَبَلٌ يحبنا ونحبُّه ، وإِنَّه يَوْمَ القِيَامَةِ يمثلُ بينَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ ، يَحْتَبِسُ عَلَيْهِ أَقْوَامٌ ، يعرفون كُلاًّ بِسِيماهُمْ ، هُمْ إِن شَاءَ اللَّه من أَهْلِ الجَنَّةِ " . والأعراف جمع عرف ، وهو المرتفع من الأرض ، ومنه عُرْفُ الفرس ، وعرف الديك لعلوِّهُمَا . وقال بعض الناس : سُمِّيَ الأعراف أَعرافاً ؛ لأن أصحابه يعرفون الناس . قال * ع * : وهذه عُجْمَةٌ ، وإنما المراد على أعراف ذلك الحِجَاب ، أي أعاليه . وقوله : { رِجَالٌ } قال الجمهور : إنهم رِجَالٌ من البَشَرِ ، ثم اختلفوا في تعيينهم ، فقال شرحبيل بن سَعْدٍ : هم المستشهدون في سَبِيلِ اللَّه الذين خَرَجُوا عُصَاةً لآبائِهِم . وذكر الطَّبَرِيُّ في ذلك حَدِيثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه تعادل عُقُوقُهم ، واستشهادهم . وقال ابن عباس ، وغيره : هم قوم اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وسيئاتهم ، ووقع في « مسند خيثمة بن سليمان » في آخر الجزء الخامس عشر عن جَابِرِ بن عَبْدِ اللَّه ؛ قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : " تُوضَعُ المَوَازِينُ يوم القيامة ، فتوزن الحَسَنَاتُ والسَّيِّئَاتُ ، فَمَنْ رَجَحَتْ حَسَنَاتُهُ على سيئاته مِثْقَالَ صُؤَابَةٍ دخل الجَنَّةَ ، ومن رَجَحَتْ سيئاته على حَسَنَاتِهِ مِثْقَالَ صُؤَابَةٍ دخل النار . قيل : يا رَسُولَ اللَّه ؛ فمن استوت حَسَنَاتُهُ وسيئاته ؟ قال : أولئك أصحاب الأَعْرَافِ لم يَدْخُلوها وهم يَطْمَعُون " . وقيل غير هذا من التَّأويلات . قال ع : واللازم من الآية أن على أعراف ذلك السُّور ، أو على مواضع مرتفعة عن الفَرِيقَيْنِ حيث شاء اللَّه تعالى رِجَالاً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ يتأخر دخولهم ، ويقع لهم ما وصف من الاعتبار . و { يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَـٰهُمْ } ، أي : بِعَلاَمَاتِهِمْ من بياض الوجوه ، وحُسْنِهَا في أهل الجنة ، وسَوَادِهَا وقبحها في أهل النَّارِ إلى غير ذلك في حَيِّزِ هؤلاء ، وحيز هؤلاء . وقوله : { لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ } المراد به : أهل الأعراف فقط ، وهو تأويل ابن مَسْعُودٍ ، والسدي ، وقتادة ، والحسن وقال : واللَّه ما جعل اللَّه ذلك الطَّمَعَ في قلوبهم إلا لخير أَرَادَهُ بهم . قال * ع * : وهذا هو الأظهر الأليق مما قيل في هذه الآية ، ولا نَظَرَ لأَحَدٍ مع قول النبي صلى الله عليه وسلم .