Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 57-58)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً … } الآية : هذه آية اعتبار ، واستدلال . وقرأ عاصم الرياح بالجَمْعِ ، « بُشْراً » بالباء المضمومة والشين الساكنة ، وروي عنه « بُشُراً » بضم الباء والشين ، ومن جمع الريح في هذه الآية ، فهو أسعد ؛ وذلك أن الرِّيَاحَ حيث وَقَعَتْ في القرآن فهي مقترنة بالرحمة ، كقوله : { وَمِنْ آيَـٰتِهِ أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَـٰحَ مُبَشِّرَٰتٍ } [ الروم : 46 ] وأكثر ذِكْرِ الريح مفردة إنما هو بقرينة عَذَابٍ ، كقوله سبحانه : { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } [ الذاريات : 41 ] وقد تقدم إيضاح هذا في « سورة البقرة » . ومن قرأ في هذه الآية « الريح » بالإفراد ، فإنما يريد به اسْمَ الجِنْسِ ، وأيضاً فتقييدها بـــ « بشراً » يزيل الاشتراك . والإِرْسَالُ في الريح هو بمعنى الإجراءِ ، والإطلاق ، وبُشْرَاً ، أي : تَبْشُرُ السحابَ ، وأما « بُشُراً » بضم الباء والشين ، فجمع بَشِير ، كنذير ونُذُور ، والرحمة في هذه الآية المَطَرُ ، و { بَيْنَ يَدَيْ } ، أي : أمام رحمته وقدامها ، و { أَقَلَّتْ } معناه : رفعته من الأرض ، واسْتَقَلَّتْ به ، و { ثِقَالاً } معناه من الماء ، والعَرَبُ تَصِفُ السحاب بالثّقَلِ ، والرِّيحُ تَسُوقُ السحاب من ورائه فهو سوق حقيقة ، والضمير في { سُقْنَـٰهُ } عائد على السحاب ، ووصف البلد بالمَوْتِ استعارة بسبب شعثه وجدوبته . والضمير في قوله { فَأَنزَلْنَا بِهِ } يحتمل أن يَعُودَ على السحاب ، أي منه ، ويحتمل أن يعود على البلد ، ويحتمل أن يعود على الريح . وقوله تبارك وتعالى : { كَذَٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ } يحتمل مقصدين : أحدهما : أن يراد كهذه القُدْرَةِ العظيمة هي القدرة على إِحْيَاءِ الموتى ، وهذا مثال لها . الثاني : أن يراد أن هكذا نَصْنَعُ بالأموات من نزول المَطَرِ عليهم ، حتى يحيوا به ، حَسَبَ ما وردت به الآثار ، فيكون الكَلاَمُ خبراً لا مثالاً . وقوله سبحانه : { وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ … } آية مُتَمِّمَةٌ للمعنى الأول في الآية قبلها ، معرفة بِعَادَةِ اللَّه سبحانه في إنبات الأرضين ، فمن أراد أن يجعلها مِثَالاً لقلب المؤمن ، وقلب الكافر ، كما هو محكي عن ابن عَبَّاسٍ ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي ، فذلك مترتب ، لكن أَلْفَاظَ الآية لا تقتضي أن المَثَل قصد به ذلك ، والطيب : هو الجَيِّدُ التُّرَابِ الكريمُ الأَرْضِ وخص بإذن ربه مَدْحاً وتشريفاً ، وهذا كما تقول لمن تغضُّ منه : أنت كما شَاءَ اللَّه ، فهي عبارة تعطي مُبَالَغَةً في مَدْحٍ أو ذم . والخبيث هو السّبَاخُ ونحوها من رَدِيء الأرض . والنَّكدُ العَسِيرُ القليل . { كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَـٰتِ } أي هكذا نبين الأمور ، و { يَشْكُرُونَ } معناه : يؤمنون ويثنون بآلآءِ اللَّه سبحانه .