Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 72, Ayat: 6-10)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ … } الآية ، منَ القُرَّاءِ مَنْ كَسَرَ الهمزةَ مِنْ « إنَّهُ » ، ومنهمْ من فَتَحَها ، والكسْرُ أوْجَهُ ، والمعنَىٰ في الآيةِ : ما كَانَتِ العربُ تفعله في أسْفَارِها من أنَّ الرَّجُلَ إذا أرادَ المَبِيتَ بِوَادٍ ، صاحَ بأعْلَىٰ صوتِه : يا عزيزَ هٰذَا الوَادِي ؛ إني أعوذُ بكَ مِنَ السُّفَهَاءِ الذين في طاعتِكَ ، ويعتقدُ بذلكَ أنَّ الجِنِّيَّ يحميه ويمنعَه ، قال قتادة : فكانت الجنُّ تحتقرُ بني آدمَ وتَزْدَرِيهم لِمَا تَرَى مِنْ جَهلِهِم ، فكانوا يَزِيدُونَهمْ مخافةً ، ويتعرضُون للتَّخَيُّلِ لهم ، ويُغْوُونَهم ، في إرادَتِهم ، فهذا هو الرَّهَقُ الذي زادته الجنُّ بني آدم ، وقال مجاهد وغيره : بنو آدمَ همُ الذينَ زَادُوا الجنّ رَهَقاً وهي الجَرَاءَةُ والطُّغْيان وقَدْ فَسَّر قوم الرَّهَقَ بالإثْم . وقوله : { وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ } يريدُ به بني آدم . وقوله : { كَمَا ظَنَنتُمْ } مخاطبةٌ لقومِهم من الجنِّ وقولهم : { أَن لَّن يَبْعَثَ ٱللَّهُ أَحَداً } يحتملُ معنيين : أحَدُهُما بَعْثُ الحَشْرِ من القبورِ ، والآخرُ بَعْثُ آدَمِيٍّ رَسُولاً ، وذكر المَهدوي تأويلاً ثالثاً ، أنَّ المعنى : وأنَّ الجنَّ ظَنُّوا كما ظَنَنْتُمْ أيها الإنْسُ ، فهِي مخاطَبَةٌ من اللَّهِ تعالى ، قال الثعلبيُّ : وقيل : إن قَولَه : { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ … } الآية ، ابتداء إخْبارٍ مِنَ اللَّه تعالى ، ليسَ هو من كلامِ الجنِّ ، انتهى ، فهو وِفَاقٌ لما ذكره المهدوي ، وقولهم : { وَأَنَّا لَمَسْنَا ٱلسَّمَاءَ } قال جمهورُ المتأولينَ : معناه الْتَمَسْنَا ، والشُّهُبُ كواكبُ الرجْمِ والحَرَسُ يحتملُ أن يريدَ الرَّمْيَ بالشُّهُبِ ، وكرَّرَ المعْنَى بلفظٍ مختلف ، ويحتملُ أن يريدَ الملائكةَ ، و { مَقَـٰعِدَ } : جَمْع مَقْعَدِ وقَدْ تَقَدَّمَ بيانُ ذلِكَ في سورةِ الحِجْرِ ، وقولهم : { فَمَن يَسْتَمِعِ ٱلأَنَ … } الآية ، قَطْعٌ على أنَّ كلَّ مَنِ استمع الآنَ أحْرَقَه شهابٌ [ فليسَ هنا بَعْدُ سَمْعٌ إنَّما الإحراقُ عِنْدَ الاِستماعِ ] ، وهذا يقتضي أنَّ الرَّجْمَ كَانَ في الجاهليةِ ، ولكنَّه لم يكنْ بمُسْتأصِلٍ ، فَلَمَّا جاءَ الإسْلاَمُ ، اشْتَدَّ الأَمْرُ ؛ حَتَّىٰ لم يكُنْ فِيه وَلاَ يَسِيرُ سَمَاحَةً ، و { رَّصَداً } : نعتٌ لـ « شِهَاب » ووصفَه بالمصْدَرِ ، وقولهم : { وَأَنَّا لاَ نَدْرِى أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِى ٱلأَرْضِ … } الآية ، معناه : لاَ نَدْرِي أَيُؤْمِنُ الناسُ بهذا النبيِّ فَيَرْشُدُوا ، أمْ يَكْفُرُونَ بهِ فَيَنْزِلَ بهِمُ الشَّرُّ ، وعبارة الثعلبي : « وأَنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض » حينَ حُرِسَتِ السماءُ ومُنِعْنَا السَّمْعَ ، { أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً } ، انتهى .