Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 76, Ayat: 27-28)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { إِنَّ هَـؤُلآءِ } يعني كُفَّارَ قريشٍ { يُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ } يعني : الدنيا ، واعلمْ أَنَّ حُبَّ الدنيا رأسُ كل خطيئة ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : " ازْهَدْ في الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ ، وَٱزْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ " رواه ابن ماجه وغيره بأسانيدَ حَسَنَةٍ ، قال ابن الفاكهانيِّ : قال القاضي أبو الوليد ابن رشد : وأَمَّا الباعث على الزهد فخمسة أشياء : أحدها : أنَّها فانية شاغلة للقلوب عن التفكر في أمر اللَّه تعالى . والثاني : أَنَّها تنقص عند اللَّه درجات من ركن إليها . والثالث : أَنَّ تركها قربة من اللَّه تعالى وعلُوُّ مرتبة عنده في درجات الآخرة . والرابع : طول الحبس والوقوف في القيامة للحساب والسؤال عن شكر النعيم . والخامس : رضوان اللَّه تعالى والأمن من سخطه ، وهو أكبرها ؛ قال اللَّه عز وجل : { وَرِضْوٰنٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } [ التوبة : 72 ] قال ابن الفاكهاني : ولو لم يكن في الزهد في الدنيا إلاَّ هذه الخصلة التي هي رضوانُ اللَّه تعالى ـــ لكان ذلك كافياً ـــ ، فنعوذ باللَّه من إيثار الدنيا على ذلك ، وقد قيل : من سُمِّيَ باسم الزهد فقد سُمِّيَ بألف اسم ممدوح ، هذا مع ما للزاهدين من راحة القلب والبدن في الدنيا والآخرة ، فالزُّهَّادُ هم الملوك في الحقيقة ، وهم العقلاء ؛ لإيثارهم الباقي على الفاني ، وقد قال الشافعية : لو أوصى لأعْقَل الناس صُرِفَ إلى الزهاد ، انتهى من « شرح الأربعين حديثاً » ، ولفظ أبي الحسن الماوردِيِّ : وقد قيل : العاقل مَنْ عقل من اللَّه أمره ونهيه حتَّى قال أصحاب الشافعيِّ فيمن أوصى بثلث ماله : لأَعْقَلِ الناس أَنَّه يكون مصروفاً للزُّهَّادِ ؛ لأنهم انقادوا للعقل ، ولم يغتروا بالأمل ، انتهى ، والأَسْر الخلقة واتساق الأعضاء والمفاصل ، وعبارة البخاريِّ : { أَسْرَهُمْ } : شِدَّةُ الخلق ، وكل شيء شددته من قتب أو غبيط فهو مأسور ، والغبيط شيء يركبه النساء شبه المحفة ، انتهى ؛ قال * ع * : ومن اللفظة : الإسارُ ، وهو القيد الذي يُشَدُّ به الأسير ، ثم تَوَعَّدَهُم سبحانه بالتبديل ، وفي الوعيد بالتبديل احتجاج على مُنْكِرِي البعث ، أي : مَنْ هذه قدرته في الإيجاد والتبديل فكيف تتعذر عليه الإعادة ؟ ! . وقال الثعلبيُّ : { بَدَّلْنَا أَمْثَـٰلَهُمْ تَبْدِيلاً } قال ابن عباس : يقول : أهلكناهم ، وجئنا بأطوعَ للَّهِ منهم ، انتهى .